ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين ، وله ما للنبي من الولاية العامة على الناس ، لتدبير شؤونهم ومصالحهم ، وإقامة العدل بينهم ، ورفع الظلم والعدوان من بينهم.
وعلى هذا ، فالامامة استمرار للنبوة ، والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه يوجب أيضا نصب الإمام بعد الرسول.
فلذلك نقول : إن الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله ، وليست هي بالإختيار ، والانتخاب من الناس ، فليس إذا شاؤوا أن ينصبوا أحدا نصبوه ، وإذا شاؤوا أن يعينوا إماما لهم عينوه ، ومتى شاؤوا أن يتركوا تعيينه تركوه ، ليصح لهم البقاء بلا إمام ، بل «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» على ما ثبت ذلك عن الرسول الأعظم بالحديث المستفيض.
وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة ، منصوب من الله تعالى؛ سواء أبى البشر أم لم يأبوا ، وسواء ناصروه أم لم يناصروه ، أطاعوه أم لم يطيعوه ، وسواء كان حاضرا أم غائبا عن أعين الناس؛ إذ كما يصح أن يغيب النبي كغيبته في الغار والشعب صح أن يغيب الإمام ، ولا فرق في حكم العقل بين طول الغيبة وقصرها.
قال الله تعالى : « ولكل قوم هاد » (1).
Page 45