بالطاعة والصمت ، فإنكم في سلطان من مكرهم لتزول منه الجبال. ولكن المنصور لايرضيه الصمت من الإمام ، والطاعة من شيعته ما دام الناس يعتقدون بإمامته ، وتفضيله على المنصور والناس أجمعين.
جاء في العقد الفريد : لما حج المنصور مر بالمدينة ، فقال للربيع : علي بجعفر بن محمد ، قتلني الله إن لم أقتله ، فمطل به ، ثم ألح فيه ، فحضر ، فلما دخل همس الإمام بشفتيه ، ثم تقرب ، وسلم ، فقال المنصور : لا سلم الله عليك يا عدو الله! تعمل على الغوائل في ملكي! قتلني الله ان لم أقتلك.
فقال الإمام : إن سليمان أعطي فشكر ، وإن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وأنت على إرث منهم وأحق بالتأسي بهم. فنكس المنصور رأسه ، ثم رفعه ، وقال : يا أبا عبدالله أنت القريب القرابة وذو الرحم الواشجة. ثم عانقه وأجلسه معه على فراشه ، وأقبل عليه يسائله ويحادثه ، ثم قال : عجلوا لأبي عبدالله إذنه وكسوته وجائزته.
ولما خرج الإمام تبعه الربيع ، وقال : إني منذ ثلاثة أيام أدافع عنك ، واداري عليك ، ورأيتك إذ دخلت همست بشفتيك ، وقد انجلى الأمر ، وأنا خادم سلطان ، ولا غنى لي عنه ، فأحب أن تعلمنيه .. قال الإمام : قل : «اللهم أحرسني بعينك التي لاتنام ، واكفني بكنفك الذي لايرام ، ولا أهلك. وأنت رجائي ، فكم من نعمة أنعمتها علي قل عندها شكري فلم تحرمني ، وكم من بلية ابتليتني بها قل عندها صبري فلم تخذلني ، اللهم بك أدرأ في نحره ، وأعوذ
Page 121