Le Soufisme Islamique dans la Littérature et la Morale
التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق
Genres
فالعبارة الأولى خلق محض، والعبارة الثانية أدب صرف، وكانت الأولى خلقا محضا؛ لأنها تعبر تعبيرا ساذجا عن معنى من أشرف المعاني الخلقية، وكانت الثانية أدبا صرفا؛ لأن جمالها يرجع إلى ما وشاها به القائل، وكلتا العبارتين صدرتا عن أنفس مشبعة بروح التصوف. •••
وقد يجتمع الأدب والخلق في تعبير واحد، كقول أبي حازم: «الدنيا غرت أقواما فعملوا فيها بغير الحق، ففاجأهم الموت: «فخلفوا ما لهم لمن لا يحمدهم وصاروا إلى من لا يعذرهم، وقد خلقنا بعدهم فينبغي لنا أن ننظر إلى الذي كرهناه منهم فنجتنبه، وإلى الذي غبطناهم به فنستعمله ».
3
والخلق في هذه العبارة يتمثل في التربية النفسية التي دعا إليها صاحب هذه الحكمة، أما الأدب فيتمثل في قوله: «خلفوا ما لهم لمن لا يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم»، وهو كلام يبدو لمن يتأمله غاية في روعة الخيال.
وشبيه بذلك هذه الفقرة:
رأى بعض النساك صديقا له من النساك مهموما فسأله عن ذلك فقال: كان عندي يتيم أحتسب فيه الأجر فمات، قال: فاطلب يتيما غيره فإن ذلك لا يعدمك إن شاء الله تعالى! فأجاب: أخاف أن لا أصيب يتيما في سوء خلقه. فقال: أما إني لو كنت مكانك لم أذكر سوء خلقه.
4
ففي هذه الفقرة خلق، وفيها أدب، أما الخلق ففي المعنى كله، وأما الأدب ففي الذكاء الذي يتمثل في الاستدراك الأخير، وهذا الذكاء في هذا المقام من صور الخلق ولكنه بالأدب ألصق.
وكذلك هذه الفقرة: «صام رجل سبعين سنة، ثم دعا الله في حاجة، ولم يستجب له، فرجع إلى نفسه فقال: (منك أتيت) فكان اعترافه أفضل من صومه».
والفطنة إلى أن الاعتراف كان أفضل من الصوم فيها خلق، وفيها أدب، أما الخلق ففي تصور القيمة المعنوية للوم النفس، وأما الأدب ففي الذكاء الذي يمثله هذا التعقيب.
Page inconnue