Le Soufisme Islamique dans la Littérature et la Morale
التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق
Genres
إن هذه اللمحة لمن الدقائق في شرح أحوال القلوب.
وذكر الذين يلبسون الصوف عند الحسن البصري فقال: ما لهم، تفاقدوا تفاقدوا تفاقدوا، أكنوا الكبر في قلوبهم، وأظهروا التواضع في لباسهم؟! والله لأحدهم أشد عجبا بكسائه من صاحب المطرف بمطرفه!
23
ألا ترون كيف فطن إلى خفايا الرياء؟!
والذي ينظر في كتب الصوفية لا يحتاج إلى من ينبهه إلى ما فيها من مظاهر الذكاء والعقل والورع في فهم الأخلاق، وأهمية كتب القوم ترجع إلى ما فيها من الإلحاح في إحياء العزيمة والقلب، والتنفير من الإثم الظاهر والإفك الباطن، والدعوة إلى تظهير النفس من أدران الغفلة والرياء.
الصوفية قوة هائلة في الأخلاق، لا ريب في ذلك، ولكن معاذ الحق أن يغيب عنا أنهم لم يكونوا دائما موفقين، فقد كانت لهم هنوات وهفوات، واستطاع فريق منهم أن يلحق بالعالم الإسلامي ضررا غير قليل، ولو كانت مذاهبهم من الخير المحض أو الشر المحض لما احتجنا إلى تأليف هذا الكتاب، فغايتنا أن ننبه إلى أن لهم محاسن خلقية ينبغي أن تعرف ، ففي الناس من ينكر عليهم كل فضل، وأن لهم مساوي خلقية يجب أن تعرف، ففي الناس من يسند إليهم كل فضل. وما ندعي أننا سننص في هذا الكتاب على جميع ما وفقوا إليه، أو خلطوا فيه، من المذاهب الأخلاقية، فذلك يحتاج إلى مجلدات، ولكننا سنبرز طوائف من مذاهبهم تشعر القارئ بخطرهم في عالم الأخلاق، وسنجتهد في توجيه القارئين إلى أهمية النظر الفاحص الذي لا يكتفي بلمحة واحدة، وإنما يتعقب الظواهر الخلقية فيدرسها من جميع الجوانب ليرى أين يكون الشر والخير، والضر والنفع، ويعرف كيف يختلف الناس حول الظاهرة الواحدة فيقبلها هذا ويرفضها ذاك.
كلمة عن المصادر ومنهج التأليف
لقد أطلنا القول في تحديد الغرض من هذا الكتاب، فلنذكر بإيجاز كيف تخيرنا المصادر وكيف وضعنا التصميم.
أما المصادر الأصلية فهي كتب التصوف أولا، والتجارب الشخصية ثانيا. وأما المصادر الفرعية فهي كتب الأدب والأساطير، وهذه المصادر الفرعية تبدو أحيانا أقوى وأصدق؛ لأن الناس فيها يتكلمون بلا تحفظ ولا احتياط، فلا يستغرب القارئ إن رآنا نرجع إلى قصة عنترة بن شداد أو أخبار أبي نواس.
وأما التصميم فبنيناه على غرض الكتاب، فجعلنا الشطر الأول في الأدب، والثاني في الأخلاق، ولا ننكر أننا وجدنا صعوبة في تمييز بعض الشطرين من بعض؛ لأن فصول الكتاب يمكن إضافتها جميعا إلى الأدب أو إلى الأخلاق، ثم رأينا أن نسلك مسلك النحاة في التفرقة بين البدل وعطف البيان، فكل أثر كانت الصورة الأدبية هي الأظهر فيه أضفناه إلى الأدب، وكل أثر كانت الوجهة الخلقية هي الباعث عليه أضفناه إلى الأخلاق، مع الاعتراف بأن عناصر هذا الكتاب لا يمكن فصل بعضها من بعض إلا بعنف شديد.
Page inconnue