Le soufisme islamique et l'imam Al-Sha'rani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Genres
وهذا هو التفسير الصادق لهذا الحشد الخالد من الشخصيات العجيبة والبطولات الفذة التي حفل بها تاريخ التصوف، آيات معجزات لا تسمو عبقريات الدنيا إليهم، ومثاليات تخجل حياتنا حين نتحدث عنهم، وقوة روحية غلابة ملهمة لم يعرفها تاريخ الإيمان العالمي لسواهم.
ولا بد لنا حينما نتحدث عنهم من أن نعقد الصلات بينهم وبين الروح الصوفي الذي يعد مصدر هذه الطاقة، ومشعل نورها، وصانع أجنحتها.
ومقياس عظمة كل عبقرية من تلك العبقريات اللدنية هو استعدادها للترقي في المعارج العلوية، وطاقتها على تحمل العبودية الكاملة، والحب الإلهي الفاتح لباب الفيض الرباني.
والباب الموصل لتلك المعارج هو الاقتداء الكامل، والاحتذاء الصادق الصارم بالمثل الأعلى للإنسان الكامل، بالنبوة المحمدية - صلوات الله وسلامه على صاحبها.
تلك النبوة التي تلقت الفيض كله كاملا، واستوعبته، وأطاقت تلقيه وصبرت عليه، وعاشت له وبه، فكانت رمزه الأعلى، وكانت أفقه الأسمى، وكانت معينه الزاخر الفياض الذي تكفي قطرة منه لصوغ عبقري ملهم من هؤلاء العباقرة الملهمين.
العباقرة الملهمين الذين عاشوا تحت أفق خاتم الأنبياء وسيد المرسلين - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - كل بقدر ما فيه من استعداد للتلقي، واستعداد للاستيعاب، واستعداد للصبر والتحمل، واستعداد للفيض والإشراق.
وهذا هو السر في فهم المتصوفة وإجلالهم للنبوة المحمدية، فهما وإجلالا لا أغالي إذا قلت إنه يفوق مثيله في قلب كل محمدي.
لقد آمنوا بأن محمدا رسول الله هو المفتاح الرباني للأبواب الإلهية؛ حيث تهطل الفيوضات والفتوحات، وأن السر كل السر في المفتاح والباب، فكل من حاد عن الطريق السوي؛ طريق الهدى المحمدي، فقد المفتاح وتوارى عنه الباب، فحرم من الفتح والعطاء، وضل سواء السبيل.
تلك هي المدرسة التي أنجبت عباقرة التصوف، مدرسة الاحتذاء والاقتداء بالسنن المحمدي، مدرسة العبودية الكاملة. ولقد كانت تلك المدرسة - ولا تزال - قلب الإسلام وروحه وأفقه الأعلى.
وتلك المدرسة المحمدية؛ مدرسة التفكر في آيات الله، والتعبد المتواصل في محاريب الحياة، وكل ما في الحياة محاريب ومساجد للمؤمنين الموقنين، مدرسة الحب الإلهي بما فيها من إشراق وإلهام وفيوضات، هي التي أنجبت أبا المواهب الزعيم العملاق عبد الوهاب الشعراني.
Page inconnue