Le soufisme : la révolution spirituelle en Islam
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Genres
أما الخيام فإنها كخيامهم
وأرى نساء الحي غير نسائها
حصلت الفترة (أي الفتور والضعف) في هذه الطريقة، لا بل اندرست الطريقة بالحقيقة.
مضى الشيوخ الذين كان بهم اهتداء، وقل الشباب الذين كان بسيرتهم وسنتهم اقتداء، وزال الورع وطوي بساطه، واشتد الطمع وقوي رباطه، وارتحل من القلوب حرمة الشريعة، فعدوا قلة المبالاة بالدين أوثق ذريعة، ورفضوا التمييز بين الحلال والحرام، ودانوا بترك الاحترام وطرح الاحتشام، واستخفوا بأداء العبادات، واستهانوا بالصوم والصلاة ...»
2
ولم تذهب صيحة القشيري صرخة في واد، ولم تكن دعوته إلى المحافظة على الدين والتزام أحكام الشريعة سدى ، فإن الغزالي الذي أتى بعد القشيري بنحو نصف قرن قد أخذ على عاتقه مهمة التوفيق بين التصوف وتعاليم الدين، أو بين الحقيقة والشريعة، وأقام من الدين أساسا للتصوف، فمزج عناصر التصوف مزجا تاما بعناصر من القرآن والحديث، ورفع بذلك من قيمة التصوف حتى في نظر أعدائه، وقد جاءت تآليف الغزالي في هذا الميدان نتيجة رغبة صادقة من نفس صادقة في تحصيل حياة روحية حقة للغزالي نفسه أولا، ثم لغيره ممن يتوقون إلى طمأنينة النفس بإيصالها إلى الحقيقة ثانيا. فإن الغزالي حاول أن يحل مشكلته الروحية أولا، ولكنه خلف لنا تراث المعلم الروحي الذي يرشد السالكين إلى حل مشكلاتهم الروحية أيضا.
وجد الغزالي الحقيقة التي كان ينشدها في الطريق الصوفي، ولكن لم تصرفه هذه الحقيقة عن الشريعة ولا حولته عن عقيدة أهل السلف، بل ظل مستمسكا بمبدأين هامين حفظا عليه دينه؛ الأول تقديسه للشرع واتباعه الدقيق له، والثاني وجهة نظره في الله من حيث هو ذات قديمة مخالفة للحوادث، وأن النفس الإنسانية قد تستطيع أن تتصف بصفات الكمال فتتقرب بذلك من الله وتعرفه أكثر من غيرها، ولكنها لا تستطيع أن تتحقق بمعنى الإلهية على أي نحو من الأنحاء، وبذلك أقفل الغزالي الباب في وجه أصحاب وحدة الوجود.
أما أن «الحقيقة» في نظر الغزالي لا تتنافى مع الشريعة فيدل عليه قوله في الإحياء:
من قال إن الحقيقة تخالف الشريعة والباطن يخالف الظاهر، فهو إلى الكفر أقرب، وكل حقيقة غير مقيدة بالشريعة فغير محصولة.
فالشريعة جاءت بتكليف الخلق، والحقيقة إنباء عن تصريف الحق.
Page inconnue