وتقدم إليه فتى سمهري القامة، طيب الملامح، بادي الوسامة. - أنا شملول. - أنا سامي مدرس ابنيك: ماهر ومختار. - مرحبا، أهلا وسهلا! شرفت، هات كراسي يا درويش. وجلس ثلاثتهم أمام الدكان، وبدأ سامي: أنت من التمرة؟ - أتعرفها؟ - كل المعرفة. - لا أحسب أنك سامي الذي نعرفه. - من سامي الذي تعرفه؟ - سامي زين الرفاعي. - أيغضبك أن أكون هو؟
ويصمت شملول فترة، ويقول سامي:
وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه .
ويقول شملول في استسلام: صدق الله العظيم. - اسمع يا شملول، لقد وقع عليك من أبي ظلم فادح. - إذن فأنت تعرف أنه ظلم. - الظلم الذي وقع علي من أبي أشد.
وظهرت الدهشة على ملامح شملول، وقال: عليك أنت! - الظلم الذي وقع عليك من أبي ظلم واحد، أما الظلم الذي وقع علي، فهو كل ما أوقعه بالناس من قهر، ومن اغتصاب لحقوقهم. - أوتشعر أنت بمعنى تحمل القهر؟ - أشعر كأنني أنا الذي ارتكبت كل هذه المظالم، أو أشعر كأنني أنا الذي وقعت عليه؟ - أوتريد أن تعتذر عن أفعال أبيك؟ - بل أريد شيئا أكبر من هذا. - ماذا؟!
ونظر شملول إلى رشيدة مندهشا، فأومأت برأسها أن نعم، وقال سامي: هذه زوجتي رشيدة، وهي مدرسة أيضا.
وقالت رشيدة: صدقه يا شملول. - أمعقول هذا الذي يقوله يا ست؟ - إنه يعيش في جحيم مما يصنعه أبوه بالناس. - إذن فهو ليس ابنه.
وتقول رشيدة: أنت تعرف أمه؟ - كانت أشرف الناس. - إذن فاعلم أن أخاه مأمون أيضا يعيش في جحيم مثله مما يصنعه أبوهما بالناس. - أيصدق أحد هذا؟
وتقول رشيدة: وما لك لا تصدقه. - إنه لا يدخل العقل. - ففيم تظنه قد جاء إليك وصحبني معه؟ - لا أفهم ... ربما ... ربما. - نحن في القاهرة، نبعد عن التمرة مسافات ومسافات ما كان أحراه أن يخفي أمره عنك وعن ولديك. - آمنت بالله ...
ويقول سامي: جل شأن الله. - فهل أطمع أن تعتبرني صديقا لك؟ - هذا أمر يسير، وقد تم فعلا، ولكن أيكفي هذا؟
Page inconnue