Le Chemin des Frères de la Pureté : Introduction à la Gnose Islamique
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Genres
خلق السموات والأرض في ستة أيام ...
5
وقوله تعالى: ... وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون .
6
فأما الأمور الإلهية الروحانية فحدوثها دفعة واحدة مرتبة منتظمة بلا زمان ولا مكان ولا هيولى ذات كيان، بل بقوله: «كن فيكون». والأمور الروحانية الإلهية هي: العقل الفعال، والنفس الكلية، والهيولى الأولى، والصور المجردة. فالعقل هو نور الباري تعالى وفيضه الذي فاض أولا، والنفس هي نور العقل وفيضه الذي أفاضه الباري منه، والهيولى الأولى هي ظل النفس وفيؤها، والصور المجردة هي النقوش والأصباغ والأشكال التي عملتها النفس في الهيولى بإذن الله تعالى وتأييده لها بالعقل. وهذه الأمور كلها بلا زمان ولا مكان، بل بقوله: «كن فيكون»، كما قال:
وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر
7
والمثال حدوث البرق، وإشراف نور الشمس في الهواء، وإضاءة الأبصار ورؤية الأشياء دفعة واحدة بلا زمان.
ثم اعلم أن الأركان الأربعة متقدمة الوجود على مولداتها بالأيام والشهور والسنين، كما أن الأفلاك متقدمة الوجود على الأركان بالأزمان والأدوار والقرانات، وعالم الأرواح متقدم على عالم الأفلاك بالدهور الطوال التي لا نهاية لها، والباري تعالى متقدم الوجود على الكل، كتقدم الواحد على جميع العدد.
ثم اعلم أنه قد أتى على النفس دهر طويل قبل تعلقها بالجسم ذي الأبعاد، وكانت هي في عالمها الروحاني ومحلها النوراني ودارها الحيوانية [نسبة إلى الحياة] مقبلة على علتها العقل الفعال تقبل منه الفيض والفضائل والخيرات، وكانت منعمة متلذذة مستريحة، مسرورة فرحانة. فلما امتلأت من تلك الفضائل والخيرات، أخذها شبه المخاض، فأقبلت تطلب ما تفيض عليه تلك الخيرات والفضائل. وكان الجسم فارغا قبل ذلك من الأشكال والصور والنقوش، فأقبلت النفس على الهيولى تميز الكثيف من اللطيف، وتفيض عليه تلك الفضائل والخيرات. فلما رأى الباري تعالى ذلك منها مكنها من الجسم، وهيأ لها، فخلق من ذلك الجسم عالم الأفلاك بعضها في جوف بعض، وركز الكواكب مراكزها، ورتب الأركان مراتبها على أحسن النظام والترتيب بما هي عليه الآن، لكيما تتمكن النفس من إدارتها وتسيير كواكبها، ويسهل عليها إظهار أفعالها وفضائلها والخيرات التي قبلتها من العقل الفعال.
Page inconnue