Le Chemin des Frères de la Pureté : Introduction à la Gnose Islamique
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Genres
5 ... ويحتاج كل من يدعي أنه يعرف الحكمة ... أن يكون له قلب فارغ من هموم الدنيا وأمورها، ونفس زكية، وفهم دقيق، وعقل واضح، وأخلاق طاهرة، وصدر سليم من الدغل والغش والآراء الفاسدة، ويكون مرتاضا بالرياضيات الحكمية الأربع، والنظر في المنطق والطبيعيات، ويكون قد عرف السؤالات وأجوبتها، ثم ينظر في هذا الفن الذي يسمى علم الأنبياء الملقب بعلم الإلهيات [= الحكمة]؛ لأن هذا العلم هو الغاية القصوى التي ينتهي إليها الإنسان في علم المعارف» (40: 3، 347-348).
وقبل هذا كله لا بد من إتقان علوم الدين وأحكام الشريعة: «... ويكره النظر في علوم الفلسفة للأحداث والصبيان وكل من لم يتعلم علم الدين، ولا يعرف من أحكام الشريعة قدر ما يحتاج إليه، وما هو فرض عليه، ولا يسعه جهله وتركه. فأما من قد تعلم علم الشريعة وعرف أحكام الدين وتحقق أمر الناموس، فإن نظره في علم الفلسفة لا يضره بل يزيده في علم الدين تحققا، وفي أمر المعاد استبصارا، وبثواب الآخرة وبالعقاب الشديد يقينا، وإليها اشتياقا، وفي الآخرة رغبة» (3: 1، 157).
هذه العروة الوثقى بين الدين والفلسفة تبدو واضحة في الشواهد التي يوردها الإخوان، حيث يقتبسون في حيز واحد أقوالا للفلاسفة والأنبياء معا، كما هو الحال في هذا المقطع الذي يستشهد فيه الإخوان بأرسطو وفيثاغورس وغيرهما من الحكماء، مثلما يستشهدون بأقوال الرسول: «ويحكى في الحكمة القديمة أنه من قدر على خلع جسده ورفض حواسه وتسكين وساوسه، وصعد إلى الفلك، جوزي هناك بأحسن الجزاء. ويقال إن بطليموس كان يعشق علم النجوم، وجعل علم الهندسة سلما صعد به إلى الفلك، فمسح الأفلاك وأبعادها، والكواكب وأعظامها، ثم دونه في [كتاب] المجسطي. وإنما كان ذلك الصعود بالنفس لا بالجسد.
ويحكى عن هرمس المثلث بالحكمة ... إنه صعد إلى فلك زحل ودار معه ثلاثين سنة، حتى شاهد جميع أحوال الفلك، ثم نزل إلى الأرض فخبر الناس بعلم النجوم ...
وقال أرسطاطاليس في كتاب الثالوجيا، شبه الرمز: إني ربما خلوت بنفسي وخلعت بدني، وصرت كأني جوهر مجرد بلا بدن، فأكون داخلا في ذاتي، خارجا عن جميع الأشياء، فأرى في ذاتي من الحسن والبهاء ما أبقى له متعجبا باهتا، فأعلم أني جزء من أجزاء العالم الأعلى الفاضل الشريف.
وقال فيثاغورس في الوصية الذهبية: إذا فعلت ما قلت لك يا ديوجانس وفارقت هذا البدن حتى تصير نحلا في الجو، فتكون حينئذ سائحا غير عائد إلى الإنسانية ولا قابل للموت.
وقال المسيح، عليه السلام، للحواريين في وصية له: إذا فارقت هذا الهيكل [= البدن] فأنا واقف في الهواء عن يمنة عرش ربي، وأنا معكم حيثما ذهبتم، فلا تخالفوني حتى تكونوا معي في ملكوت السماء غدا.
وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم
لأصحابه في خطبة له طويلة: أنا واقف لكم على الصراط، وإنكم ستردون على الحوض غدا، فأقربكم مني منزلا يوم القيامة من خرج من الدنيا على هيئة ما تركته. ألا لا تبدلوا بعدي، ألا لا تتبدلوا بعدي.
Page inconnue