وكان يقولُ لهم: "أيها النَّاس، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي، إنَّما أنا عبد" (^١) وكان يقول: "لا تطروني كما أطرت النصارى المسيحَ ابن مريم، إنَّما أنا عبد، فقولوا: عبد اللَّه ورسوله" (^٢).
وذكره اللَّه ﷿ بسمة العبودية في أشر مقاماته: مقام الإسراء، ومقام الدعوة، ومقام التحدى (^٣). فقال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ [الإسراء/ ١]. وقال: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ [الجن/ ١٩]، وقال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ [البقرة/ ٢٣]. وفي حديث الشفاعة: "إنَّ المسيح يقول لهم: اذهبوا إلى محمد عبدٍ غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" (^٤). فنالَ ذلك المقام بكمال عبوديته للَّه وبكمال مغفرة اللَّه له.
وتأمَّل (^٥) قوله في الآية: ﴿أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ﴾ [فاطر/ ١٥] فعلَّق الفقر إليه باسمه "اللَّه" (^٦) دون اسم الربوبية ليؤذن بنوعي الفقر، فإنَّه