الحلقة تضيق. والكذب غير مجد في هذه النقطة. وأنت لم تفكر في هذه الأسئلة عند وضع الخطة. - ولدي مهمة خاصة. - أمن الممكن أن آخذ عنها فكرة؟ - مهمة عائلية. - حدثني عن أملاكك؟ - مجرد نقود. - لا عقار ولا أطيان؟ - مجرد نقود. - ومحل إقامتك بالإسكندرية كما هو في البطاقة أم تغير؟
آه، تحريات. النبي دانيال. الكنار الليلي. بسيمة عمران. سوف تطاردك الشبهات بالوراثة. - كما هو في البطاقة. - وأموالك في أي بنك؟ - بنك؟ - في أي بنك تودع أموالك؟ - ليست في أي بنك. - أين تودعها؟ - في ... في جيبي. - جيبك! ألا تخاف عليها السرقة؟
أجاب بيأس وحقد مكتوم: لم يبق منها إلا القليل. - ولكن في بطاقتك ما يدل على أنك من ذوي الأملاك. - كنت كذلك، أعني قبل إفلاسي. - وماذا أعددت لمستقبلك؟
لا تتردد طويلا. سأتحداك بصدق. أو رغم الصدق! - كنت أبحث عن أبي، وهذا هو مستقبلي. - تبحث عن أبيك؟ - أجل، انفصلت عنه وأنا في المهد. ولذلك قصة عائلية لا أهمية لذكرها، ولما أفلست لم أجد بدا من البحث عنه. - أليس لك أي فكرة عن مكانه؟ - كلا، والإعلان في الصحف هو آخر ما عمدت إليه من وسائل البحث. - ولعل ذلك هو السبب الحقيقي في انتقالك إلى القاهرة؟ - لعله. - وحتى متى تكفيك نقودك؟ - شهر على الأكثر. - تسمح؟
أعطاه المحفظة بوجه يحمار ويحتقن، ثم استردها بوجه عابس: وإذا نفدت نقودك؟ - شرعت في البحث عن عمل. - ما مؤهلاتك؟ - لا مؤهلات! - أي نوع من العمل؟ - عمل تجاري. - هل تظن البحث سهلا؟ - لي أصدقاء في الإسكندرية، ولن أجد صعوبة في الحصول على عمل. - أأنت مدين للفندق؟ - كلا، ولقد دفعت أجرة هذا الأسبوع مقدما. - وكيف اهتديت إلى هذا الفندق؟ - صادفته وأنا أبحث عن فندق رخيص. - ألم تكن تعرف فيه أحدا من قبل؟ - كلا. - ولكنك عرفت فيه الكثيرين ولا شك؟ - عم محمد الساوي، وعلي سريقوس. - وعم خليل، أعني المرحوم خليل أبو النجا؟ - طبعا. - ماذا ترك في نفسك من أثر؟ - رجل عجوز جدا وطيب جدا. - ومع ذلك فقد وجد من قتله بلا رحمة. - أمر محزن جدا. - أكنت تعرف أين يقيم؟
اللعنة والمقت، ولكن حذار من الكذب. - في شقة فوق السطح فيما أظن. - لست متأكدا؟ - كلا! - كيف عرفت ذلك؟ - علي سريقوس أخبرني. - أم أنك أنت الذي سألته؟ - ربما. - ترى لم سألته؟ - لا أذكر الآن بالضبط، ولكن العادة جرت بيننا بالدردشة كلما جاءني لخدمة ما. - ألم توجه إليه أسئلة أخرى؟
خفق قلبه بعنف أليم وهو يجيب: ربما، لا أذكر سؤالا على وجه التحديد، كانت مجرد ثرثرة.
وشعر بأنه يدفع إلى شر يصعب التخلص من عواقبه، ولكن الرجل سأل: حتى متى تبقى في القاهرة؟ - حتى أعثر على أبي، أو أجد عملا، أو تنفد نقودي.
أشعل الرجل سيجارة في صمت معذب، وتفكر مليا، ثم سأله: أليس عندك أقوال أخرى قد تفيد التحقيق؟ - كلا. - قد نحتاج إليك فيما بعد فلا تسافر قبل أن تخطرنا. - بكل سرور يا أفندم.
لم تكن خطة كاملة. هي خطة بلهاء. ومحاولة الهرب جنون، وسوف ترصدك عين لا تغمض. وعليك أن تستعيد كل سؤال وكل جواب لتعرف حقيقة مركزك.
Page inconnue