Histoire de la nation copte
الهدية التوفيقية في تاريخ الأمة القبطية
Genres
فإليكم إليكم أيها المصريون عموما، وخلف هذا السلف المبارك خصوصا تاريخ آبائكم الأولين وأسلافكم السالفين. حتى إذا علمتموه ووعيتموه فاحذوا حذوهم واختطوا خطتهم. واسعوا في رأم الخلل ورأب الصدع، فعساكم تعيدون شهرة أولئك القوم التي لعبت بها أيدي العدم.
واعلموا أن آثار أجدادكم وعظام آبائكم قد قامت اليوم تطالبكم بحقوقهم المقدسة المسلوبة، وكأني بها تناديكم وتناجيكم قائلة: ألا رحم الله قوما عرفوا ما لهم وما عليهم من الحقوق والواجبات؛ فقاموا بأدائها خير قيام، وألا قاتل الله خلفا هدم ما بناه السلف، فكان كالباحث عن حتفه بظلفه، والجادع مارن أنفه بكفه.
فهل يجمل بنا أن يطرق مسامعنا هذا النداء ونحن عن إجابته وتلبية دعوته غافلون ساهون؟!
فهلموا بنا أيها الأفاضل الأماثل، نعير هذا النداء جانب الالتفات. وكفانا كفانا ما أحدق بنا وأحاق بطائفتنا من الآفات والعاهات؛ حتى يقال نعم الخلف الذي اقتفى أثر السلف، وذلك إنما يكون بإخلاص النيات، وحسم أسباب العداوات والخصومات. فإننا إذا اتحدنا قلبا وقالبا، واعتصمنا بعروة الالتئام والوئام، وصرمنا حبال البغضاء والشحناء، فزنا بنوال آمالنا وأمانينا التي هي إصلاح هذه الطائفة حتى تصبح رافلة في حلل التقدم والارتقاء. ومختالة في ثياب الهناء والرخاء تحت ظل أمير بلادنا، ومالك قلوبنا قبل رقابنا، الملك العادل الجليل، صاحب المجد الأثيل، خديوينا الذي تعلقت بأهداب كرمه وحلمه الآمال والأماني «أفندينا عباس باشا حلمي الثاني» أدام الله أيامه مقرونة بالعز والصفاء. ولا زلنا له عبيدا مخلصين في السراء والضراء. وحفظ لنا الوزراء الكرام ورجال مصر العظام ما مرت الأيام وكرت الأعوام، بمنه وكرمه آمين.
الفصل الأول
أصل الأقباط وسبب تسميتهم
إنه لما كان الغرض من وضع هذا الكتاب الإتيان على ذكر تاريخ الأقباط من ابتداء نشأتهم الأولى إلى انتهاء حالتهم الأخيرة، وجب علينا - والحالة هذه - أن نتكلم أولا عن أصل نشأتهم وسبب تسميتهم، ونسبتهم فنقول: الأقباط هم من ذرية قفطايم بن مصرايم بن نوح عليه السلام، ويسمون أقباطا بالنسبة إلى قفط وهي اسم لبلدة في الصعيد، قيل إنها أول مدينة تأسست في وادي النيل لما أتى مصرايم بن نوح وتوطن في مصر مع أولاده وأولاد أولاده الذين منهم قفطايم هذا، وهو الذي سميت هذا البلد باسمه.
فقفط إذن هي أول بلدة وطأتها أقدام أجدادنا الأقباط؛ فكانت منبت شعبتهم، ومسقط رأسهم، ومحط رحال مجدهم.
وقد اشتهرت قفط في أيام ملوك مصر الوطنيين بالقوة والمجد، وازدادت ثروتها خصوصا في أيام البطالسة؛ إذ امتدت مواصلتها واتسعت تجارتها مع بلاد العرب.
ولما تغلب الروم على مصر ورأوا ما كانت عليه مدينة قفط من الأهمية، وأنها من أعظم أمهات مدن الديار المصرية سموا مصر بأسرها «إيجيبت».
Page inconnue