L'âge des Califes bien guidés : histoire de la nation arabe (troisième partie)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Genres
أما نظام الخلافة في عهد أبي بكر فهو وإن كان ذا مظهر انفرادي، فإنه لم يكن استبداديا ولا دكتاتوريا، وإنما كان نظاما شوريا انتخابيا، وكان أبو بكر لا يقطع أمرا دون استشارة كبار الصحابة، وبخاصة عمر وأبي عبيدة، ولم يكن سبب ذلك أن أبا بكر وعمر وأبا عبيدة قد تآمروا فيما بينهم قبل وفاة الرسول ويوم السقيفة على أن تكون الحكومة
Trimvirat ، وأن يتقاسم الثلاثة منافعها؛ فيكون أبو بكر للرئاسة وعمر للقضاء وأبو عبيدة للمال، كما يزعم بعض المستشرقين وعلى رأسهم القس اليسوعي لامنس، ولكن أبا بكر كان مشبعا بروح الإسلام الديمقراطية الشورية، فكان لا يقطع بأمر دون أخذ آراء أصحاب رسول الله، وبخاصة عمر وأبو عبيدة أو غيرهما من جلة المسلمين الأولين، أمثال: علي، وعثمان، وعبد الرحمن، وابن عباس، وخالد، وغيرهم، وإن هذا النظام الشوري الانتخابي الذي وضع الرسول أسسه ظل عليه أبو بكر، ثم سار عليه الخلفاء الراشدون حتى في عهد عثمان الذي يتهم بأنه كان مستبدا متسلطا، ولم ينقلب هذا النظام الشوري عن جادته إلا في عهد بني أمية وبني العباس، كما سنرى تفصيله بعد.
أما الطريقة التي تم بها استخلاف أبي بكر فقد كانت طريقة إسلامية ديمقراطية عربية بالشروط وعلى النحو الذي كان مألوفا لدى عرب الجاهلية والإسلام في انتخاب رئيس العشيرة، بأن يكون من أكرمهم بيتا، وأشرفهم نفسا، وأكبرهم سنا، وأكثرهم جودا وفضائل. يقول المؤرخ السير توماس أرنولد: «ويلاحظ أن انتخاب أبي بكر قد تم كما ينتخب شيخ القبيلة العربية؛ لأنه انتخاب يتفق والروح العربية.»
5
وأما الأسس التي وضعها أبو بكر دستورا لخلافته فتتجلى في خطبته الأولى يوم بويع البيعة العامة بقوله: «أيها الناس، قد وليت عليكم، ولست بخيركم ... إلخ»، ويمكننا إجمال مواد ذلك الدستور في النقاط التالية: (1)
إن الناس متساوون في كافة الحقوق والواجبات، وإنه لا قوي إلا صاحب الحق، ولا ضعيف إلا صاحب الباطل. (2)
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما ركنان من أركان الدولة. (3)
إن الأخلاق الفاضلة هي عماد الدولة. (4)
إن الجهاد فريضة محكمة. (5)
إن الخلافة العادلة الصالحة هي قوام كل شيء.
Page inconnue