L'âge des Califes bien guidés : histoire de la nation arabe (troisième partie)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Genres
ثم اجتمعت جماعات الأوس والخزرج وبايعت أبا بكر، وأنكر على سعد بن عبادة وجماعته ما كانوا أجمعوا أمرهم عليه، وزفوا أبا بكر إلى المسجد فبايعه المهاجرون، ثم أقبل الأنصار والمهاجرون يتعاتبون في الأمر، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا معشر الأنصار، إنكم وإن كنتم كما قلتم فليس فيكم مثل أبي بكر، ولا مثل عمر، ولا مثل أبي عبيدة، فقال زيد بن أرقم: ما ينكر فضل من ذكرت، وإن منا لسيد الأنصار سعد بن عبادة، وفينا من أمر الله رسوله أن يقرئه السلام: أبي بن كعب، وفينا من أمضى الله شهادته بشهادة رجلين: خزيمة بن ثابت، وإن فيمن سميت من قريش لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد - يعني علي بن أبي طالب - ثم طال الجدال والعتاب بين الجانبين، وانتهت هذه الأزمة بسلام إلا ما كان من أمر أبي سفيان؛ فقد روى الطبري أن الناس لما اجتمعوا على بيعة أبي بكر أقبل أبو سفيان وهو يقول: والله إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم، يا آل عبد مناف، فيم أبو بكر من أموركم؟ أين المستضعفان؟ أين الأذلان علي والعباس؟ وقال لعلي: يا أبا الحسن، أبسط يدك حتى أبايعك، فأبى علي، فجعل يتمثل بشعر المتلمس:
ولن يقيم على خسف يراد به
إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمحته
وذا يشج فلا يبكي له أحد
فزجره علي وقال: إنك والله ما أردت بهذا إلا الفتن، وإنك والله طالما بغيت الإسلام شرا، لا حاجة لنا في نصيحتك، وكان هذا كله قبل دفن الرسول
صلى الله عليه وسلم ؛ لأن أهله حجبوه عن الناس، فلما بايع الناس أبا بكر ورجع إلى المسجد جلس على المنبر، فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: «أيها الناس، إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأيي، وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا حتى يكون آخرنا، وإن الله أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم، صاحب رسول الله، وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوا.» فبايع المسلمون بيعة العامة بعد بيعة السقيفة.
ثم تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله، ثم قال: «أما بعد أيها الناس، فإني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع أحد منكم الجهاد في سبيل الله، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله .»
5
ولما أتم القوم الصلاة نظر أبو بكر في وجوه القوم فلم ير عليا فسأل عنه، وذهب زيد بن ثابت وجماعة من الأنصار فأتوا به إليه، فقال له: أنت ابن عم رسول الله وختنه، وأردت أن تشق عصا المسلمين؟ فقال علي: لا تثريب يا خليفة رسول الله، وكذلك فعل الزبير، ثم انصرف أبو بكر والقوم إلى دفن رسول الله
Page inconnue