L'âge de Prospérité : Histoire de la Nation Arabe (Partie 5)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
Genres
القضاء:
وقد كان «القاضي» ينظر في قضايا الناس ومشاكلهم الدينية والدنيوية فيقضي فيها بما أنزل الله، وكان يختار لهذا المنصب رجل موثوق أمين، فقد كان أبو بكر وعمر وعلي (رضي الله عنهم ) يقضون في عهد الرسول، وكان بنو أمية يختارون للقضاء أفاضل الصحابة أو التابعين، ومن مشهوري قضاة المنصور الفقيه الإمام محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (148ه)، وكان من طبقة أبي حنيفة الإمام الأعظم، وقد كان المنصور أراد أن يولي أبا حنيفة القضاء فاعتذر إليه عن ذلك.
وقد اهتم المنصور أيضا بعماله في الأقاليم، فاختار لها أفضل رجاله فهما ونبلا، وأكثرهم ثقة وعدلا، وكان أكثرهم من أهل بيته، فإسماعيل بن علي ولاه فارس، وسليمان بن علي ولاه البصرة، وعيسى بن موسى ولاه الكوفة، وصالح بن علي ولاه قنسرين والعواصم، والعباس بن محمد ولاه الجزيرة، وجعفر بن سليمان ولاه المدينة، ومن عماله يزيد بن حاتم المهلبي أمير إفريقية، ومعن بن زائدة أمير اليمن، وخازم بن خزيمة أمير أرمينية، وهؤلاء كلهم من أكابر الرجال وفضلائهم، وكان الخليفة يطلب من عماله أن يبعثوا إليه بتقارير مفصلة عن أحوالهم وعن شئون بلادهم، وكان أصحاب البريد في كل إقليم هم الذين يبعثون إليه بأخبار هؤلاء العمال وكبار الموظفين الآخرين، كما يكتبون إليه عن أسعار المواد الغذائية وأحوال بيت المال وشئون التجارة والاقتصاد، وقد كان في كل إقليم أيضا موظفون آخرون من الكتاب ورجال الشرطة والنواب والقضاة، وعلى النمط الذي كان في العاصمة لدى الخليفة. (1-3) تنظيم الجيش وقياداته
اهتم المنصور بالجيش وتنظيمه وتقويته اهتماما كبيرا؛ لأنه هو الذي يحمي حدود الدولة ويحفظ كيانها، وقد كان الجيش في الدولة العباسية منقسما إلى فريقين:
الفريق الأول:
هو جيش الخراسانيين ومن إليهم من الأعاجم.
والفريق الثاني:
هو جيش العرب، وقد كان الخليفة يوازن بين الفريقين لئلا تقوى شوكة أحدهما فيعيث في البلاد فسادا، وكان كلما أحس من قائد تعاظما سلط عليه من يذله، ومن مشهوري قادته هؤلاء أبو مسلم الخراساني، ومعن بن زائدة الشيباني، وعمرو بن العلاء، والمسيب بن زهير الضبي، والحسن بن قحطبة الطائي، ويزيد بن حاتم، وكان الخليفة يعرض جيوشه بين الحين والحين ليتبين أوضاع جنده ويصلح ما قد يكون فسد من أحوالهم، ويوجه إليهم نصائحه وإرشاداته ويسألهم عن شئونهم، وقد روى المؤرخون أنه في سنة 158ه عرض الجيش عرضا فخما، تحدث عنه الطبري وأطنب في وصفه إطنابا يدلنا على عناية المنصور بالجيش وقادته وتنظيمه وتقويته. (1-4) علاقات الدولة الخارجية
كانت الإمبراطورية العربية متاخمة للبيزنطيين، وكان النزاع قائما بين الجانبين منذ أيام بني أمية، وقد ورث العباسيون هذه العداوة كما ورثوا تقليدا أمويا هو إرسال الجيوش كل صيف وشتاء لغزو بلاد الروم، وكانت هذه الجيوش تسمى «الصوائف» و«الشواتي»، وكانت بلاد آسيا الصغرى هي مجال تلك الحروب، ولم تنقطع الحروب بين الجانبين منذ عهد معاوية حتى هذا العهد الأموي إلا في فترات قليلة، وقد جددت في عهد المنصور هذه التقاليد بقوة؛ لأنه عزم بعد أن وطد أمره على التوسع، وخصوصا حين غزت جيوش الروم في سنة 138ه «ملطية» وكانت من الثغور الإسلامية، فعملت فيها تخريبا وفي أهلها تقتيلا، فبعث المنصور عمه صالح بن علي وأخاه العباس بن محمد بن علي للانتقام للعرب والمسلمين، فدارت المعارك سجالا بين الجانبين.
ثم تعددت الحروب بين الروم والمسلمين في عهد المنصور كله إلى أن توفي، ولكنها لم تكن من حيث الاستعداد والقوة كما كانت أيام بني أمية؛ لأن نقل مقر الدولة من دمشق إلى بغداد وبعد العاصمة عن البحر الأبيض جعل العباسيين يكتفون بإرسال هذه «الصوائف» و«الشواتي» التقليدية إرسالا تقليديا، واطمأن البيزنطيون إلى أن الدولة الإسلامية الجديدة لم تعد تهدف إلى فتح القسطنطينية كما كان الأمويون، كانت للبيزنطيين حملات شديدة على الثغور الإسلامية كسميساط وسيس والمصيصة، ولكن المنصور كان لهم بالمرصاد، وقد بنى على الفرات مدينة الرافقة سنة 155ه على طراز مدينة بغداد، ورتب لها الجند من الخراسانيين والعرب؛ لتكون مركز تموين الجيوش الإسلامية في غزواتها،
Page inconnue