L'âge de Prospérité : Histoire de la Nation Arabe (Partie 5)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
Genres
5
وهكذا تخلص أبو جعفر المنصور من الخطر الكامن وراء أبي مسلم فقضى عليه، ولم يبق أمامه سوى العلويين الذين كان يخشاهم ويخاف طموحهم، وخاصة منهم ذا النفس الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وما إن تخلص المنصور من أبي مسلم حتى أخذ يتسقط أخبار محمد بن عبد الله ذي النفس الزكية، ولما حج في سنة 140ه سأل عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي عن ابنيه فأنكر أن يكون على علم بأمرهما، فحبسه وصادره، ثم أخذ يجمع أبناء الحسن بن علي، فأخذ منهم ثلاثة عشر رجلا فحبسهم جميعا، وقسا عليهم وساقهم إلى العراق مقيدين بالأغلال وعذبهم حتى مات أكثرهم، فلما بلغت أخبارهم محمد بن عبد الله ذا النفس الزكية ثار في الحجاز وطرد أمير المدينة في رجب سنة 145ه، وكتب إلى أخيه إبراهيم بن محمد أن يثور هو أيضا في اليوم نفسه بالبصرة ليفشل أبو جعفر في جهتين مختلفتين، ولكن إبراهيم لم يتمكن من القيام بحركته حينئذ، فوجه أبو جعفر قوته إلى الحجاز، وكان في ذلك الحين مشغولا ببناء «بغداد»، وكتب كتابا إلى محمد ذي النفس الزكية يقول له فيه: «
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا ...
ولك عهد الله وميثاقه وحق نبيه إن تبت من قبل أن أقدر عليك أن أؤمنك على نفسك وولدك وإخوتك ومن بايعك وتابعك وجميع شيعتك، وأن أعطيك ألف ألف درهم وأن أنزلك من البلاد حيث شئت، وأقضي لك ما شئت من الحاجات، وإن أطلق من في سجني من أهل بيتك وشيعتك وأنصارك، ثم لا أتبع أحدا منكم بمكروه، فإن شئت أن تتوثق بنفسك فوجه إلي من يأخذ لك من الميثاق والعهد والأمان ما أحببت.»
فكتب إليه محمد ذو النفس الزكية كتابا يقول فيه:
أما بعد:
طسم * تلك آيات الكتاب المبين * نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين * ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ... وأنا أعرض عليك من الأمان مثل الذي أعطيتني، وقد تعلم أن الحق حقنا، وأنكم إنما طلبتموه بنا ونهضتم فيه بشيعتنا، وخطبتموه بفضلنا ، وأن أبانا عليا (عليه السلام) كان الوصي والإمام، فكيف ورثتموه دوننا ونحن أحياء، وقد علمت أنه ليس أحد من بني هاشم يمت بمثل فضلنا ولا يفخر بمثل قديمنا وحديثنا ونسبنا ... لم تلدني العجم ولم تعرق في أمهات الأولاد، ولك عهد الله إن دخلت في بيعتي أن أؤمنك على نفسك وولدك وكل ما أحببته، إلا حدا من حدود الله أو حقا لمسلم أو معاهد، فقد علمت ما يلزمك في ذلك، فأنا أوفى بالعهد منك وأحرى بقبول الأمان، فأما أمانك الذي عرضت علي، فأي أمان هو! أأمان ابن هبيرة، أم أمان عمك عبد الله بن علي أم أمان أبي مسلم ...
فكتب إليه أبو جعفر كتابا يقول فيه:
بلغني كلامك فإذا جل فخرك بالنساء لتضل به الجفاء والغوغاء، ولم يجعل الله النساء كالعمومة، ولا الآباء كالعصبة والأولياء، وقد جعل العم أبا وبدأ به على الوالد الأدنى، ولقد علمت أن الله تبارك وتعالى بعث محمدا
صلى الله عليه وسلم
Page inconnue