L'Ère de la Cohérence: Histoire de la Nation Arabe (Partie Quatre)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Genres
بقتلى أصيبت من سليم وعامر
وأتى على القصيدة، فتغالظا في الكلام، ثم خرج الجحاف حتى أتى الرحوب عند جبل البشر، وهو ماء لبني جشم بن بكر، قوم الأخطل، ففتك بهم، فأخذ الأخطل وعليه عباءة وسخة، فظن آخذه أنه عبد، وسئل، فقال: أنا عبد، فأطلقه، وقتل أبوه يومئذ، ثم إن الجحاف استخفى خوفا من عبد الملك، فدخل بلاد الروم، فأقام بطرابندة، ثم استأمن عبد الملك فأمنه، ثم قدم العراق وقصد الحجاج فأكرمه ثم حج وتاب.
25 (4) الفتوح
فتح المسلمون في عهد عبد الملك فتوحا في المشرق وأخرى في المغرب، فأما فتوح المشرق: ففي سنة 74 ولى عبد الملك بلاد خراسان أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فلما أتاها ولى ابنه عبد الله بن أمية على سجستان، فلما قدمها غزا رتبيل، الذي ملك بعد رتبيل الأول المقتول، وكان هيابا للمسلمين، فلما وصل عبد الله إلى بست أرسل رتبيل إليه يطلب الصلح وألف ألف وهدايا ورقيقا، فأبى عبد الله وكان غرا، فخلى له رتبيل البلاد حتى أوغل فيها، ثم طوق عليه فأخذه، فطلب عبد الله أن يخلي عنه وعن المسلمين، ولا يأخذ شيئا، فأبى رتبيل وقال: نأخذ ثلاثمائة ألف درهم، ويكتب لنا كتابا ولا يغزو بلادنا، ولا تحرق ولا تخرب، فقبل عبد الله، وبلغ ذلك عبد الملك فعزله، وولاها الحجاج إضافة إلى العراق، فبعث الحجاج المهلب بن أبي صفرة، وعبيد الله بن أبي بكرة، فسار عبيد الله وغزا بلاد رتبيل، وأمره الحجاج ألا يرجع حتى يستبيح بلاده، ويهدم قلاعه، ويقيد رجاله، فأصاب من الغنائم ما شاء الله وهدم الحصون، وكذلك سار المهلب إلى ما وراء النهر وفتح حصونها، وأقام حتى بلغ «كش» وأقام فيها.
وفي سنة 80 استأذن الحجاج عبد الملك في تسيير جند عظيم إلى بلاد رتبيل، فأذن له فجهز أربعين ألفا من أهل البصرة والكوفة، وأعطى الناس أعطياتهم، وأنفق عليهم ألفي ألف - كما قلنا - وزودهم بالخيل والسلاح والعدد والذخيرة، وبعث فيهم الأبطال والفتيان، وأمر عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وسمي هذا الجيش جيش الطواويس؛ لقوته وكماله، فبلغ بلاد رتبيل وفتك بهم، وغالى في اللحاق بهم، وكتب بذلك إلى الحجاج فهنأه وأمره باستمرار الغزو، فكان من أمره ما كان من خلع الحجاج وحصول معركتي دير الجماجم ومسكن بين جند الحجاج وجند عبد الرحمن، وهروب عبد الرحمن ثانية إلى بلاد رتبيل.
أما المهلب بن أبي صفرة فإنه بلغ بلاد «كش»، ثم أدركته منيته وهو قافل بمرو، فاستخلف ابنه يزيد، وأوصاه أن يستمر في فتوحه، فسار يزيد في فتوحه حتى بلغ قلعة نيزك بباذغيس، فحاصرها وملكها وما فيها من الأموال والذخائر، وكانت من أحصن القلاع وأمنعها، وكان نيزك إذا رآها سجد لها.
26
وفي سنة 85 عزل الحجاج يزيد بن المهلب عن خراسان وولاها أخا المفضل، ففتح باذغيس وأصاب مغنما كثيرا، ثم غزا «أخرون» و«شومان» فغنم وفتح.
وأما فتوح الغرب: قال ابن الأثير 4: 43: لما ولي عبد الملك بن مروان ذكر عنده من بالقيروان من المسلمين، وأشار عليه أصحابه بإنفاذ الجيوش إلى إفريقية لاستنقاذهم، فكتب إلى زهير بن قيس البلوي بولاية إفريقية، وجهز له جيشا كثيرا، فسار سنة 69 إلى إفريقية فبلغ خبره إلى كسيلة بن كرم البربري - الذي أسلم ثم خرج على المسلمين - فاحتفل وجمع وحشد البربر والروم، وأحضر أشراف أصحابه، فالتقى العسكران واشتد القتال حتى آيس الناس من الحياة، فلم يزالوا كذلك أكثر النهار، ثم نصر الله المسلمين وانهزم كسيلة، ثم قتل هو وجماعة من أصحابه بمحش، وتبع المسلمون البربر والروم فقتلوا من أدركوا منهم فأكثروا، وفي هذه الوقعة ذهب رجال البربر والروم وملوكهم وأشرافهم، وعاد زهير إلى القيروان، ثم إن زهيرا رأى بإفريقية ملكا عظيما فأبى أن يقيم، وقال إنما قدمت للجهاد، فأخاف أن أميل إلى الدنيا، واستمر في غزوه إلى أن مات، فولاها عبد الملك، حسان بن الضحاك، فقدمها وتمم فتوح زهير حتى سيطر على إفريقية الشمالية كلها، ولم يترك موضعا من بلادهم إلا وطئه.
27
Page inconnue