L'Ère de la Cohérence: Histoire de la Nation Arabe (Partie Quatre)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Genres
16
وبموت قطري سقط أمر الخوارج سقوطا مريعا لما كان يتمتع به قطري من شجاعة وحزم ونبل وفضل.
17
وممن فتك بهم الحجاج من الخوارج طائفة منهم تسمى الصفرية المقيمة في الموصل وبلاد الجزيرة، وكان على رأسها رجل صالح عابد اسمه صالح بن مسرح التميمي، وشبيب بن يزيد الشيباني، خرجوا في الجزيرة ففتكوا بجيش محمد بن مروان عامل الجزيرة، فاستنجد بالحجاج فأنجده بجيش لقي الخوارج منه بلاء عظيما، ولكنه لم يستطع أن يفرق جموعهم على قلتهم بالنسبة إلى عدد خصومهم. وقد اضطر الحجاج أن يسأل عبد الملك مده بجيش من أهل الشام للفتك بالصفرية، فبعث إليه عبد الملك ستة آلاف، حمل عليهم شبيب بن يزيد أكثر من ثلاثين حملة، فصمدوا إلى أن هلك شبيب غرقا، فحمل أهل الشام عليهم وأفنوهم، وبموت شبيب طويت صفحة رائعة من صفحات الفروسية التي تحلى بها هؤلاء الخوارج، وبالقضاء على الصفرية والأزارقة وغيرهم من الخوارج صفا الجو في العراق لعبد الملك.
فتنة لبنان
لما وقعت الفتنة بين عبد الملك وعمرو بن سعيد الأشدق خرج الجراجمة، ويسمون بالمردة أيضا - أما الجراجمة فنسبة إلى مدينة جرجومة، كانت على جبل اللكام بالثغر الشامي عند معدن الزاج، بين بياس - بياس اليمام - و«لوقة» قرب أنطاكية، وأما المردة فجمع مارد، وإنما سموا بذلك لتمردهم على السلطان وعصيان أمره - من جبل لبنان بزعامة يوحنا في اثني عشر ألفا، فأتوا البقاع ونزلوا قب إلياس، وغزو جبل لبنان الشرقي، وشنوا الغارات على الحجاج، وقطعوا السابلة، وأفسدوا في الأرض، فاضطر عبد الملك إلى تجديد الهدنة التي كان عقدها مع إمبراطور الروم على أن يدفع كل جمعة ألف دينار.
18
ويقول ابن عساكر: إن طاغية الروم لما رأى ما صنع الله للمسلمين من منعة مدائن الساحل، كاتب أنباط جبل لبنان واللكام، فخرج الجراجمة وعسكروا بالجبل، ووجه ملك الروم، فلقط البطريق في جماعة من الروم في البحر، فسار بهم حتى رسا بهم بوجه الحجر - فوق البترون - وخرج بمن معه حتى علا بهم على جبل لبنان، وبث قواده في أقصى الجبل حتى بلغ أنطاكية وغيرها من الجبل الأسود، فأعظم ذلك المسلمون بالساحل حتى لم يكن أحد يخرج في ناحية من رجال ولا غيرها إلا بالسلاح، فغلبت الجراجمة على الجبال كلها من لبنان، وسنير، وجبل الثلج، وجبال الجولان، حتى بعث إليهم عبد الملك بالأموال؛ ليكفوا حتى يفرغ إليهم، وكان مشغولا بقتال أهل العراق ومصعب وغيره، ثم كتب عبد الملك إلى سحيم بن المهاجر أمير طرابلس، يأمره بالخروج إليهم
19
حتى استطاع أن يفتك بهم.
Page inconnue