L'ère du décollage : Histoire de la nation arabe (deuxième partie)
عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)
Genres
كانت البعثة إلى اليمن؛ فقد أرسل الرسول إلى اليمن بعثة في ثلاثمائة فارس إلى قبيلة مذحج، وعلى رأسها الإمام علي، وقال له: «سر حتى تنزل في ساحتهم فادعهم إلى قول لا إله إلا الله، فإن قالوا نعم فمرهم بالصلاة ولا تبغ منهم غير ذلك، ولأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس، ولا تقاتلهم حتى يقاتلوك.» فسار علي حتى وصل إلى مذحج فدعاها إلى الإسلام فأبت فحمل عليها، ثم جاءه شيوخها فعرض عليهم الإسلام فأجابوه ثم قفل راجعا.
ثم بعث الرسول معاذ بن جبل إلى الكورة العليا من عدن، وأبا موسى الأشعري إلى الكورة السفلى منها، وأمرهما أن يدعوا الناس للإسلام وييسرا ولا يعسرا ويبشرا ولا ينفرا، وقال لمعاذ: «إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب.» ثم انطلق كل منهما إلى عمله، فمكث معاذ باليمن إلى أن مات رسول الله، وسار أبو موسى وعاد فشهد حجة الوداع. (5-1) إسلام جمهرة العرب في هذه السنة
في هذه السنة جاءت إلى رسول الله وفود العرب من أقاصي الجزيرة تطلب الإسلام فاعتنقته، ودخل جماهير الناس في دين الله أفواجا بعد ما جاء النصر والفتح. (5-2) حجة الوداع
وفي هذه السنة أيضا حج الرسول حجة الوداع، فأتى مكة يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة، وفي الثامن منه ذهب إلى منى، وفي التاسع توجه إلى عرفة، وفيها خطب خطبته المشهورة بخطبة الوداع وخطبة البلاغ التي فيها يقول: «الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأوصيكم على طاعته، وأستفتح بالذي هو خير. أما بعد: أيها الناس، اسمعوا مني أبين لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا. أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن ربا الجاهلية موضوع، ولكن لكم رءوس أموالكم ولا تظلمون ولا تظلمون، قضى الله أن لا ربا، وإن أول ربا أبدأ به هو عمي العباس بن عبد المطلب.
وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم نبدأ به هو دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية.
والعمد قود، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
أما بعد: أيها الناس، إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم.
أيها الناس، إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا، يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله، ويحرموا ما أحل الله. وإن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم؛ ثلاثة متواليات وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
أما بعد: أيها الناس، إن لنسائكم عليكم حقا، ولكم عليهن حق، لكم عليهم أن لا يوطئن فرشكم غيركم ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم، ولا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح، فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاتقوا الله في النساء، استوصوا بهن خيرا، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
أيها الناس: إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه، ألا هل بلغت اللهم فاشهد. فلا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
Page inconnue