L'ère du décollage : Histoire de la nation arabe (deuxième partie)

Muhammad Ascad Talas d. 1379 AH
138

L'ère du décollage : Histoire de la nation arabe (deuxième partie)

عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)

Genres

وقال

صلى الله عليه وسلم : «الهوا والعبوا؛ فإني أكره أن أرى في دينكم غلظة.»

136 (5) الشئون المالية

مما لا شك فيه أن الناس في الجزيرة العربية كانوا قبل زمن النبي

صلى الله عليه وسلم

يعيشون عيشة لها نظم اقتصادية واجتماعية، كان فيهم الأثرياء والتجار المنعمون، ولا شك أيضا في أن هذا الأمر استمر بعد الإسلام؛ لأن النبي لم يهدم كل ما كان في الجاهلية، إنما جاء بفكرته ودينه يدعو الناس إلى الإسلام والدخول في دين الله. ثم إنه - عليه السلام - كان شديد الحرص - كما رأينا في الفصول السابقة - على تقوية أركان حكومته بعد الهجرة وعلى توطيد دعائمها، وجعلها حكومة لها مميزات الحكومات الأخرى الصالحة؛ لهذا نستغرب كل الاستغراب حينما نقرأ بعض الكتب لكتاب مسلمين أو مستشرقين أن حكومة النبي كانت حكومة بدوية خالية من النظم والقوانين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأن العرب كانوا قبله بداة وحوشا يأكل بعضهم بعضا، وأنه استطاع

صلى الله عليه وسلم

أن يجعل منهم كتلة يهاجم بها الأمم المتمدنة، ناسين أو متجاهلين أن النبي بعثه الله على حين فترة من الرسل لينقذ العالم من شروره وضلالاته، وأنه لم يجئ بشيء خارق للعادة ولا بمعجزات فوق قدر البشر سوى هذا القرآن الحكيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه تنزيل من عزيز حميد. أما ما عدا ذلك فإن سننه وسبله

صلى الله عليه وسلم

كانت سننا وسبلا عادية سلك فيها الطريق المستقيم، واتبع أنظمة الكون المألوفة، ونظم شئون بلاده من سياسية واجتماعية واقتصادية محتفظا بالطيب الكامل الذي كان عندها من قبل، نابذا الضار الفاسد، مضيفا إلى ذلك كل ما هو حسن مفيد؛ هذه هي سيرة محمد في أمته. أما سيرته في الأمم الأخرى، فإنه دعاها إلى دينه الذي أمره الله بتبليغه، وهو دين قائم على التوحيد وتقديس النبوات الإلهية السابقة، محي لما اندرس من تعاليمها، آمر بالتوحيد المطلق، ناه عن الشر والفساد، محبذ لكل فضيلة عند تلك الأمم.

Page inconnue