L'Âge du déclin : histoire de la nation arabe (septième partie)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Genres
ومنهم أبو الفضل جعفر بن علي الدمشقي مؤلف كتاب «الإشارة إلى محاسن التجارة»، وقد ضمن رسالته فصولا قيمة بحث فيها عن التجارة ومحاسنها ومعرفة قيم الأشياء، وطريقة تمييز جيد المتاع من رديئه، وتبيين تدليس المدلسين، وأنواع حيلهم.
6
ومنهم عبد الرحمن بن أبي بكر الدمشقي الجوبري الذي كان عائشا في سنة 618ه، وله كتاب ممتع اسمه «المختار في كشف الأسرار وهتك الأستار»، وقد ضمنه بحوثا قيمة جدا عن حيل البائعين، وغشهم، وكشف أسرارهم، وهتك حيلهم وتدليساتهم في البضائع.
7
ومنهم الإمام الكبير تقي الدين بن تيمية الحراني الدمشقي (؟-728ه)، وفي كتبه وفتاويه بحوث قيمة عن هذا الأمر، وله رسالة عنوانها: «الحسبة في الإسلام»، وقد ضمنها كثيرا من البحوث المفيدة التي دعت إلى مكارم الأخلاق، وصيانتها، والعناية بأحوال الباعة والسوقة، ومراقبة الطبقة العامة وأحوالها المعاشية.
8
ومنهم الإمام نجم الدين أحمد بن محمد بن علي بن الرفعة المصري الشافعي (؟-710ه)، وكان محتسبا في القاهرة، وله كتاب سماه «الرتبة في الحسبة»، وقد ضمنه بحوثا قيمة، وقد فقد فلم نعثر على ذكر له في فهارس الخزائن.
ونحن إذا رحنا نعدد الآثار الباقية أو التي فقدت مما كتبه المصريون أو الشاميون في انتقاد الوضع الاجتماعي أثناء هذه الفترة جئنا بالشيء الكثير، فقد كثرت التآليف؛ لكثرة المحتالين وأهل الذمم الفاسدة، ومن شر هؤلاء المحتالين: محتالو الصيادلة، فقد ذكر صاحب نهاية الرتبة في الباب السابع عشر في الحسبة على الصيادلة: أكد تدليس هذا الباب والذي بعده - أي باب تدليس العطارين - كثير لا يمكن حصر معرفته على التمام، فرحم الله من نظر فيه وعرف استخراج غشوشه فكتبها في حواشيه تقربا إلى الله، فهي على الخلق أشد خطرا من غيرها ، فالواجب عليهم أن يراقبوا الله تعالى في ذلك، وينبغي للمحتسب أن يخوفهم ويعظهم وينذرهم العقوبة والتغرير، ويعتبر عليهم عقاقيرهم في كل أسبوع، ثم سرد طائفة من أنواع حيلهم وعشوشهم الخبيثة، وختم هذا الفصل بقوله: وقد أعرضت عن أشياء كثيرة في هذا الباب لم أذكرها؛ لخفاء غشها، وامتزاجها بالعقاقير، ومخافة أن يتعلمها من لا دين له فيدلس بها على المسلمين.
وقد اهتم الناس في هذا العصر بتربية الخيول والبغال وما إليها من عدد القتال والأسفار والقوافل والتجارات، وكانت للأيوبيين والمماليك عناية شديدة بهذه الأمور، وبخاصة فنون البيطرة وأمراض الخيل ومداواتها وعلاجات عللها، وكان كثير من أمرائهم ورجالات دولتهم يهتمون بإقامة أسواق الخيل وحلبات السباق، وبخاصة الملك الظاهر بيبرس فإنه كان فارسا للخيل مهتما برعاية أحوالها، وخصوصا الجياد العربيات، كما كان مهتما برمي النبال، وقد كانوا ينشئون الميادين العامة، والحلبات الخاصة للتسابق والمران، ومن الميادين المشهورة لذلك في مصر: الميدان القبق، والميدان الأسود، وميدان العبد، والميدان الأخضر، ومن ميادين دمشق وحلب عدد كبير قد خصص لذلك، ولا يزال عدد من هذه الميادين محافظا على اسمه ووضعه، وقد كانوا يبنون إلى جانب هذه الميادين مصاطب يجلسون عليها ويشاهدون اللاعبين، قال الأستاذ جرجي زيدان في تاريخه للسلطان بيبرس: «وكان محبا لركوب الجياد ورمي النبال فأنشأ ميدانا سماه ميدان القبق، وميدانا للسباق، وكان شاغلا بقعة من الأرض تمتد بين النقرة التي ينزل إليها من قلعة الجبل وبين قبة النصر التي هي تحت الجبل الأحمر، وبني فيه مصطبة سنة 666ه للاحتفال برمي النشاب والتمرين على الحركات العسكرية، وكان يحث الناس على لعب الرمح ورمي النشاب ونحو ذلك، فكان ينزل كل يوم إلى هذه المصطبة من الظهر فلا يركب منها إلى العشاء، وهو يرمي ويحرض الناس على الرمي والنضال والرهان، فما بقي أمير ولا مملوك إلا وهذا شغله، وما برح من بعده أولاده ومن بعدهم يمارسون في هذا الميدان جميع الألعاب الحربية.»
9
Page inconnue