L'ère de l'éclosion : Histoire de la nation arabe (Première partie)
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
Genres
صلى الله عليه وسلم
بخمس سنوات لبنيان الكعبة، وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها - إذ لم يكن لها سقف من قبل - ولكنهم يهابون ذلك، ثم أقدموا عليه، «والرابعة» حين احترقت أيام ابن الزبير، «والخامسة» أيام عبد الملك بن مروان، ولما استخلف أبو جعفر المنصور أراد هدمها وبناءها من جديد فقال له مالك بن أنس: أنشدك بالله يا أمير المؤمنين أن لا تجعل هذا البيت ملعبة الملوك من بعدك .
44
أما البناء الذي اشترك فيه محمد
صلى الله عليه وسلم
فقد كان في السنة الخامسة والثلاثين من عام الفيل، حين رأت قريش أن كنوزها قد سرقت، وأن اللصوص قد عاثوا فيها؛ لأنها لم تكن مسقوفة ففكروا في سقفها، ولكنهم خافوا مغبة ذلك أول الأمر، ثم قال الحكماء: ليس في هذا بأس، فأقدموا على هدمها، وباشر ذلك الوليد بن المغيرة، وأحضروا لها الخشب من سفينة ألجأتها الرياح إلى ساحل جدة، وعهدوا بها إلى نجار قبطي أن يقوم بذلك، فأخذ يهيؤه وهم يبنون، وكان المشرف على ذلك أبو وهب بن عمرو بن عائذ المخزومي خال النبي، وقال لقريش: لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا حلالا، ولا تدخلوا فيه مهر بغي أو بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس، ثم إن قريشا تجزأت الكعبة؛ فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة، وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وقبائل من قريش انضموا إليهم، وكان ظهر الكعبة لبني جمع وسهم، وكان شق الحجر وهو المعروف بالحطيم لبني عبد الدار بن قصي، وبني أسد بن عبد العزى، وبني عدي بن كعب.
قال ابن هشام: ولما أرادوا هدمها قال الوليد بن المغيرة: أنا أبدؤكم في هدمها، فأخذ المعول، ثم قام عليها وهو يقول: اللهم لم ترع، اللهم إنا نريد الخير، ثم هدم من ناحية الركن، فتربص الناس تلك الليلة، وقالوا: انتظروا فإن أصيب لم نهدم شيئا، ورددناها كما كانت، وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله صنعنا فهدمنا، فأصبح الوليد من ليلته غاديا إلى عمله، فهدم وهدم الناس معه حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس أساس إبراهيم، أفضوا إلى حجارة خضر كالأسمنت آخذ بعضها بعضا،
45
ولما شرعوا في البناء، وبلغوا موضع الركن اختصموا فيه؛ كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه حتى تحاوروا وتخالفوا، وأعدوا للقتال أنفسهم، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما، وتعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب على الموت، وأدخلوا أيديهم في الدم، ومكثت قريش أربع ليال أو خمسا وهم مختلفون، ثم إنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا، فقال أبو أمية بن المغيرة بن عبد الله المخزومي - وكان أسن قريش: يا معشر قريش، اجعلوني بينكم فيم تختلفون فيه؛ إن أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم، ففعلوا فكان أول من دخل محمدا، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين رضينا به هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال: هلم إلي ثوبا؛ فأتي له، فأخذ الركن فوضعه بيده فيه، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة ناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعا، ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه بيده، ثم بنى عليه، فلما فرغوا من البنيان من ذلك قال الزبير بن عبد المطلب قصيدة منها:
فقمنا حاشدين إلى بناء
Page inconnue