Histoire de la médecine chez les anciennes et modernes nations
تاريخ الطب عند الأمم القديمة والحديثة
Genres
4
وكانت عوذة الرومان ضربا من الفطر يعلقونه على صغارهم وقاية لهم، ولقد قال الشاعر فيرجيل الروماني يصف نحول قطيع لبعض رعاة عصره أصيب بالعين: «إن عينا شريرة رمت خرافي بسهامها، فأصابتها وغادرتها قضافا لم يبق منها غير جلد على عظم.»
وكان مشاهير أطبائهم الكاهن والمعزم والعراف والساحر والراقي والمنجم؛ فلذلك ترك العليل أحقابا لرحمة الطبيعة، ولطالع الحظ يتقلب على فراش الآلام، وليس له من منقذ إلا الأوهام، فكثيرا ما مات الناس من الإهمال والإمهال. (5) تاريخ الطب في جميع أدواره
إن للطب أدوارا مثل بقية الأشياء في الكون وهي: دور النشأة، ودور البلوغ ودور الهدم، فكان الطب في دوره الأول مبنيا على الخرافات وممتزجا بالعقائد الدينية لشيوعها، فجمعت التجارب الطبية أولا في الذاكرة وبقيت أحقابا تروى، ثم دونت بالصحائف على اختلاف أنواعها، وعلقت في الهياكل ثم سجلت في كتب وتداولتها الأيدي تمحيصا وتحقيقا من أقدم عصورها إلى يومنا، فارتقت ارتقاء مذكورا مع بقاء كثير من المجربات الصحيحة دستورا للعمل وحجرا للزاوية.
ولما كان الإنسان في أول أدواره يغتذي بالنبات كانت صحته قوية وغذاؤه طبه، فلم تطرقه الأمراض بكثرة ولا احتاج إلى التطبب حتى إذا أكثر من تناول اللحوم طعاما، وتأنق في إعداد ألوان الموائد والتوابل والبقول واكتظت معدته بأخلاطها، تناوبته الأمراض ولازمته العلل، فأودت بحياته وتسلسلت الأسقام موروثة، وأصبحت البنية عرضة لتأثيراتها حتى انقرضت بعض الأسر والقبائل؛ لتفشي الأمراض الوبيلة والأدواء العضالة في بينها، متوارثة من السلف إلى الخلف.
وكانت طريقة معالجتهم القديمة إلقاء العليل في قارعة الطريق، وحفظ ما يعالجه به الخبيريون أو كتابة ما يوصف له من الأدوية على الألواح، والإشارة إلى الأمراض، فتعلق الألواح في الهياكل وتشيع منافعها، وهذا الدور هو الذي يسمى «بطب الهياكل».
ثم كثرت عناية الناس بالطب والعلاج، واخترعت بعض الآلات وكشفت بعض الأدوية، فانتبه الإنسان إلى أشياء جديدة غفل عنها من تقدمه، فعرفت الزرائع الحديثة في الطب، واهتدي إلى الطرق المفيدة إلى أن وصلت إلى مبادئ التلقيح والاختمار والاستنقاع، والحقن بالمصل والتطهير والتعقيم والتجريد ... إلخ.
كل ذلك كان من دواعي ارتقاء الطب والجراحة والتشريح وما يتعلق بها.
ولكثرة من تداول الطب في القديم من الأمم لم يجزم بموجده، ولكنه ليس إلا نتيجة تجارب الأمم على اختلاف عصورهم، وأماكنهم وطرقهم وأسرار ميلهم إلى البقاء، والحاجة أم الاختراع.
فلهذا ندون الآن ملخص تاريخ الطب عند الأمم المترامية في القدم عصرا فعصرا وأمة فأمة، مشيرين إلى ما انتاب هذه الصناعة من التقدم والتقهقر والنهضة والانحطاط.
Page inconnue