Histoire de la civilisation islamique (Première partie)
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Genres
على أن هذه المسكوكات لم تكن تعتبر رسمية في الدول الإسلامية، بل كانت أكثر معاملاتهم بالنقود الرومية والفارسية، فاتفق في أيام عبد الملك بن مروان «سنة 65-86ه» أن هذا الخليفة أراد تغيير الطراز من الرومية إلى العربية كما سيجيء، فشق ذلك على ملك الروم، فبعث إليه يهدده بأن ينقش على دنانيره شتم النبي فعظم هذا الأمر على عبد الملك، فجمع إليه كبار المسلمين واستشارهم، فأشار عليه أحدهم بمحمد الباقر أحد الأئمة الاثني عشر من الشيعة وكان يقيم في المدينة، فلم يشأ عبد الملك أن يستنجد أحد أئمة بني هاشم - وهم مناظروه في الملك - لكنه لم ير بدا من استقدامه فكتب إلى عامله في المدينة أن «أشخص إلي محمد بن علي بن الحسين مكرما ومتعه بمائة ألف درهم لجهازه و30000 لنفقته، وأرح عليه في جهازه وجهاز من يخرج من أصحابه»، فلما قدم محمد إلى دمشق استشاره عبد الملك فيما ينويه ملك الروم في الإساءة بالإسلام، فقال محمد «لا يعظم هذا عليك، ادع هذه الساعة صناعا فيضربون بين يديك سككا للدراهم والدنانير، وتجعل النقش عليها صورة التوحيد وذكر رسول الله «ص» أحدهما في وجه الدرهم أو الدينار والآخر في الوجه الثاني، وتجعل في مدار الدرهم والدينار ذكر البلد الذي يضرب فيه والسنة التي تضرب فيها تلك الدراهم والدنانير، وتعمد إلى وزن ثلاثين درهما عددا - من الأصناف الثلاثة التي العشرة منها وزن عشرة مثاقيل، وعشرة منها وزن ستة مثاقيل، وعشرة منها وزن خمسة مثاقيل، فتكون أوزانها جميعا واحدا وعشرين مثقالا - فتجزئها من الثلاثين فتصير العدة من الجميع وزن سبعة مثاقيل، وتصب صنجات من قوارير لا تستحيل إلى زيادة ولا نقصان، فتضرب الدراهم على وزن عشرة مثاقيل، والدنانير على وزن سبعة مثاقيل».
ففعل ذلك عبد الملك، وبعث نقوده إلى جميع بلدان الإسلام، وتقدم إلى الناس في التعامل بها، وهدد بقتل من يتعامل بغير هذه السكة من الدراهم والدنانير وغيرها، وأن تبطل تلك وترد إلى مواضع العمل حتى تعاد إلى السكة الإسلامية.
هذا ما قاله الدميري، ولكن ابن الأثير ينسب هذا الرأي إلى خالد بن يزيد بن معاوية، وغيره ينسبه إلى غيره، وتسمى دنانير عبد الملك الدنانير الدمشقية، وأمر الحجاج عامله في العراق أن يضرب الدنانير على 15 قيراطا من قراريط الدنانير، ثم صار أمراء العراق يضربون النقود لبني أمية في الأكثر. (2-4) نقش النقود
ونقش نقود بني أمية على أحد الوجهين في الوسط «لا إله إلا الله وحده لا شريك له» وحول ذلك «بسم الله ضرب هذا الدرهم في بلد كذا سنة كذا» وفي الوجه الآخر بالوسط «الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» وحولها «محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون» وكانت هذه الكتابة تنقش على الدينار والدرهم على السواء.
نقود عبد الملك بن مروان.
وأبطل المسلمون استخدام النقود الرومية والفارسية وغيرها من ذلك الحي، وأجود نقود بني أمية الهبيرية التي ضربها لهم عمر بن هبيرة، والخالدية نسبة إلى خالد بن عبد الله البجلي، واليوسفية التي ضربها يوسف بن عمر، وكلهم من عمال العراق لبني أمية، فلما أفضت الخلافة لبني العباس لم يكن المنصور يقبل في الخراج من نقود بني أمية سواها.
نقود إسلامية صقلية.
وللنقود الإسلامية تاريخ طويل لا محل له هنا، وفي كتابنا «تاريخ مصر الحديث» رسوم أكثر النقود الإسلامية وأسماء ضاربيها، ولكننا نقول بالإجمال إن المسكوكات الإسلامية ضربت في كل عواصم الإسلام وفي أشهر مدنها في العراق والشام والأندلس وخراسان وصقلية والهند وغيرها، وهي تختلف رسما وسعة ونصا باختلاف الدول والعصور.
وكانت الكتابة على النقود تنقش بالحرف الكوفي، ثم تحولت إلى الحرف النسخي الاعتيادي سنة 621ه في أيام العزيز محمد بن صلاح الدين الأيوبي بمصر.
نقود العزيز بن صلاح الدين.
Page inconnue