Histoire de la presse arabe
تاريخ الصحافة العربية
Genres
إلى هنا انتهى الدور الأول من تاريخ الصحافة التي رافقناها من مهد الولادة على ضفاف النيل إلى عهد الطفولة على ساحل البوسفور، ثم أخذت بالنمو تدريجا على سنة الارتقاء الطبيعي حتى عم انتشارها في أهم العواصم والبلدان شرقا وغربا، وإذا قابلنا حالة صحفنا مع مثيلاتها في سائر الممالك الراقية في دورهن الأول نرى بين الفريقين بونا كبيرا؛ لأنه رغما من قلة العارفين بالقراءة في لغتنا العربية نشأت لدينا 27 صحيفة في مدة سبعين عاما، وهو عدد لم تسبقنا إليه دولة عند تكون صحافتها بين سائر الدول المشهورة بتقدم العلوم وميل الناس فيها إلى مطالعة الصحف، والذي يقضي بالعجب العجاب هو أنه بين جميع الجرائد والمجلات التي ذكرنا أخبارها لم تنشأ منها صحيفة واحدة في البلاد العربية الصميمة، بل صدرت بأسرها إما في الممالك الأجنبية وإما في الأقطار التي افتتحها العرب بعد ظهور الإسلام.
وكانت صحافتنا في بداية أمرها ضعيفة الأفكار، ركيكة التعابير، سقيمة الطبع، خالية من تبويب أبحاثها، بوجه الإجمال إلا ما ندر، ولا غرابة في ذلك؛ لأن هذا الفن كان مجهولا، وسوق العلم كاسدة، وآثار الحضارة مندرسة في أكثر أنحاء الشرق. ومن المعلوم أن صحف الأخبار تشمل كل ما تهم معرفته الإنسان عن أحوال السياسة والتجارة والعلم والتاريخ والاكتشافات والاختراعات، وما يتعلق بالشئون الاقتصادية والبيتية والاجتماعية والأخلاقية والانتقادية وغيرها، ولكل من هذه الفروع اصطلاحات، خاصة عند الغربيين في أساليب التعبير، كان يجهلها صحافيو العرب الذين عانوا مشقات جسيمة في هذا المسلك الوعر؛ لأن أكثر نشرياتهم كان معربا عن اللغات الأجنبية، غير أن تلك الألفاظ الركيكة أو التعبيرات السقيمة التي كان يستعملها أرباب الجرائد أولا في كتاباتهم قد بطلت شيئا فشيئا باختمار الصحافة وارتقاء الأفكار وانتشار العمران وانصباب الناس على اكتساب المعارف. ومن أعظم دواعي ترقيها إقبال أدباء بلادنا على الأسفار الشاسعة ومخالطة الغربيين ومجاراتهم في كثير من الأمور.
وأول من تنبه من الصحافيين إلى هذا الأمر المهم بل جاهد في سبيله جهادا عظيما كان الكونت رشيد الدحداح، فإنه عزز كرامة أبناء جنسه بما نشره من كنوز اللغة على صفحات برجيس باريس وغيرها من المطبوعات النفيسة، ولم يكن أقل جهادا منه في هذا السبيل أحمد الشدياق صاحب «الجوائب»؛ لمعرفته التامة باللغة العربية وخبرته الواسعة بشئون الغربيين الذين سبر غور سياستهم ووقف بذاته على أحوال بلادهم، فإنه سد هذه الثلمة باتخاذ الأوضاع العربية لأكثر المعربات الإفرنجية كقوله: «المؤتمر» بمعنى
Congrés
عند الفرنسيس ثم الأسطول بمعنى
Escadre
والباخرة بمعنى
bateau á vapeur
والبريد بمعنى
poste
Page inconnue