ففرصة سعيدة أراها أن يؤلف الكتاب شيعي، ويقدمه للقراء سني، ولعلها بادرة حسنة من بوادر السير للوئام والدعوة إلى الإسلام، والعمل لخير المسلمين من غير نظر إلى فرقة أو مذهب، وهو ما يتطلبه ويوجبه موقف المسلمين الحاضر.
وثانيها:
أنه كان من حسن التوفيق أن عرفت الأستاذ أبا عبد الله الزنجاني حين زيارته مصر سنة 1935، فتوثقت بيننا الصلة، وتأكدت الصداقة على قرب العهد بالتعارف، وقصر زمن اللقاء، ولكن قرب الأرواح يفعل ما لا يفعله تراخي الزمن وطول العهد، وصدق الحديث: «الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.» وقد رأيته واسع الاطلاع، عميق التفكير، غزير العلم بالفلسفة الإسلامية ومناحيها وأطوارها، على صفاء في نفسه وسماحة في خلقه مما حببه إلي وحبب لي أن أقدم كتابه لقرائه.
ثالثها:
موضوع الكتاب أو الرسالة وهو تاريخ القرآن من حيث الخط والجمع والترتيب والإعراب والإعجام، وهو موضوع شاق عسير تعرض له الأقدمون، ولا يزال مجال القول فيه ذا سعة.
وقد كان في نية الأستاذ الزنجاني أن يفيض فيه، ويخرج كتابا واسعا يجمع إلى سعة الرواية إعمال العقل، ولكن حالت ظروف دون ذلك، فخرج الكتاب موجزا مختصرا، ومع هذا فقد جمع فيه كثيرا مما تشتت في ثنايا الكتب من مؤلفين سنيين وشيعيين.
ولعل الزمن والظروف تهيئ له أن يتبع خطوته هذه بخطوة أخرى، فيهدي للقراء في هذا الموضوع بحثا أوفى، وكتابا أوسع يكشف ما غمض من هذه المسائل العويصة، والدقائق العميقة، وهو بذلك جدير، وفقه الله.
25 يونية سنة 1935
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
Page inconnue