192

Histoire des juges d'Al-Andalus

تاريخ قضاة الأندلس (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا)

Chercheur

لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة

Maison d'édition

دار الآفاق الجديدة - بيروت/لبنان

Numéro d'édition

الخامسة، 1403هـ -1983م

وقد سبق إلى ذلك الأئمة كمالك ومن تقدمه؛ يقولون: أجمع الناس والاختلاف موجود إذ لا يعبأ بالشذوذ. وكذلك قول ابن رشد في القسم الثاني من أقسامه الثلاثة. فإن قضى عليه بذلك الإقرار، نقض حكمه بذلك ما لم يعزل؛ ولم يرده من بعده من الحكام مراعاة لقول أهل العراق. فيلزمه أيضا على قياسه عدم بعض أحكامه من أخذ بمذهب الشافعي أيضا في جواز حكم القاضي بما علمه قبل قضائه. وعلى كل تقدير، فطريق الاحتياط هو العمل فيما أمكن على الإشهاد. ولذلك عد العلماء في أدب القضاء أن يكون الحكم بمحضر عدول، ليحفظوا إقرار الخصوم خشية رجوع بعضهم عن مقالتهم. ولو كان القاضي ممن يقضى بعلمه، لكان أخذه بما لا خلاف فيه أحسن لمثله، وليكون حكمه بشهادتهم لا بعلمه. وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه {أنه لم يكن ينفذ الأحكام في الغالب إلا بمجمع من الصحابة وحضورهم ومشورتهم مع علمه وفضله وفقهه، وحسن بصيرته بمآخذ الأحكام وطرق القياس ومعرفة الآثار. ونقل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه} أنه كان، إذا جلس، أحضر أربعة من الصحابة، ثم استشارهم؛ فإذا رأوا ما رآه، أمضاه. قال محمد بن عبد الحكم: وليس ينبغي لأحد أن يترك المشاورة، ولا ينبغي له أن يثق برأي نفسه؛ ولا يدخل على الإمام من فعل ذلك استكبار: فإن سلف هذه الأمة وخيار الصحابة رضي الله عنهم أجمعين {كانوا يسألون عما ينزل بهم، ويتفاوضون في أمورهم، ويلاحظون في أحكامهم قول الله العظيم: " يا أيها الذين آمنوا} كونوا قوامين بالقسط، شهداء لله، ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما " أي: يا أهل الإيمان {اقيموا العدل بالإقرار على أنفسكم وبالشهادة على غيركم، من غير مبالاة في قول الحق والقيام به بقرابة ولا بغني ولا بفقير. يقول: لا تداهنوا في ألحق حبا للنفس ولا حمية للقريب ولا رعاية للغني، ولا شفقة على الفقير: فالله أولى بالجميع} فقد أخبر الله سبحانه في هذه الآية جميع المؤمنين من الحكام وغيرهم بالقيام بالقسط. وذلك في النوازل متوجه على المشاورين والمفتين، إذا وقفت النازلة عليهم، وعلى الأئمة والقضاة، إذا تأدت القضية إليهم. فإذا تبين للناظر في النازلة

Page 192