Histoire de la piraterie dans le monde
تاريخ القرصنة في العالم
Genres
بعد نصف ساعة اختفت الطائرة، أما السفينة فكان عليها أن تغير وجهتها من جديد، وبعد مضي ما يزيد على ثلاث ليال، نجح الثوار، والذين كانوا من قبل ذلك قد عاودوا اتصالهم بالعالم الخارجي، عبر أجهزة الاتصال اللاسلكية - في تجنب السفن والطائرات الحربية الأمريكية التي كانت تطاردهم. وفي الوقت نفسه انضم إلى الثوار نادلان كانا قد طلبا من القبطان جالفاو أن يدرجهما في قائمة رجاله. وبعد بضعة أيام أقسما اليمين وارتديا الزي الخاص بالثوار. أما باقي البحارة بما في ذلك قادة الطاقم، فعلى الرغم من أنهم لم ينضموا إلى الثوار، فإنهم أظهروا قدرا كبيرا من الولاء لا يقل عن الذي أظهره الآخرون. وقد أعرب قبطان السفينة - الذي كان يشعر بالامتنان من جراء المعاملة الطيبة التي كان يتلقاها - أعرب الثوار عن مخاوفه من تناقص احتياطي المياه على السفينة، الأمر الذي أكده الفحص الذي تم إجراؤه على الفور، وكان من نتيجته أن جرى ترشيد استخدام المياه في الغسيل.
وقد سجل القبطان جالفاو السطور التالية في مذكراته: «إن الرأي العام العالمي يدرك الآن الفظائع، التي يرتكبها النظام السياسي القائم في البرتغال، ويعرف الصورة الحقيقية للديكتاتور سالازار. منذ ثلاثة أيام كنا مجرد جماعة صغيرة مكونة من أربعة وعشرين بحارا، أما الآن ... فهناك مشكلتان تؤرقاننا: كيف ننزل المسافرين إلى البر، ونحقق هدفنا؟ يجب أن نعطي المسافرين إمكانية النزول إلى الشاطئ، بشرط ألا يسبب هذا فقدان السفينة والقبض على رجالنا. إن على سلطات الميناء الذي سنمر به أن تضمن لنا ذلك.»
كان الأدميرال دينسون مستعدا لأن يحل المشكلة الأولى فقط، دون أن يعبأ بمصير السفينة أو الثوار؛ ولهذا فقد نحى جالفاو اقتراح الأدميرال. في الوقت نفسه راحت السماء تمتلئ فوق «سانتا-ماريا» بالعديد من الضيوف الثقلاء. كانت الطائرات واحدة تلو الأخرى تحوم فوق رءوس الثوار، ثم انضمت إليها طائرات وكالات الأنباء، التي أخذت تلتقط الصور للسفينة، وأخيرا شاركت في المطاردة الغواصة الذرية الأمريكية «سي ولف».
في يوم السبت الموافق الثامن والعشرين من يناير استمر التبادل النشط للبرقيات اللاسلكية بين القبطان وجالفاو والأدميرال دينسون، والذي كان من نتيجته الاتفاق على مكان إنزال الركاب. لقد تقرر أخذهم من السفينة في باحة البحر على بعد خمسين ميلا من ريسيفي البرازيلي. أحاط الثوار المسافرين علما بالقرار الذي تم اتخاذه، ثم شرعوا في الاستعداد لإنزالهم. كانت خطة الإنزال تقتضي مغادرة المرضى أولا، يليهم النساء المسافرات بمفردهن، ثم العائلات، وأخيرا بقية الركاب.
بينما كانت «سانتا-ماريا» تؤدي مهمتها كان جالفاو قد وصل إلى استنتاج، مفاده أن استمرار العملية بالمعطيات الجديدة أمر بالغ الصعوبة، إلى جانب أنه يمكن أن يكون باهظ التكلفة، ومن ثم قرر أن يتوجه بالسفينة إلى أي ميناء برازيلي ويتركها هناك. هكذا أخذت السفينة تبحر في اتجاه ريسيفي، وكلما اقتربت من شواطئ البرازيل، ارتفع عدد الطائرات المحلقة فوقها، والتي ظهر الآن أنها ترافقها بلا توقف تقريبا. وعندما هبط المساء يوم الأحد كان من الممكن مشاهدة أضواء الشاطئ البرازيلي من «سانتا-ماريا»، وفي اليوم التالي فجرا كانت «سانتا-ماريا» تبعد عن ريسيفي حوالي خمسة وأربعين ميلا، وقد تحدد يوم الثلاثاء موعدا للقاء الأدميرال ألين سميث.
أما في لشبونة فقد التقى سفير البرازيل بسالازار، وأحاطه علما بأن حكومة البرازيل لن تقوم بتسليم الطاقم أو السفينة. في ذات الوقت أمر جالفاو بإعداد تأشيرات نزول المسافرين الإسبان والبرتغاليين، بعد أن وقع عليها ووضع عليها ختم اللجنة التنفيذية لجبهة التحرير الوطنية.
في المساء أقيم عشاء وداع مهيب للمسافرين، ومن لشبونة وصلت أنباء تفيد بأن حكومة سالازار تتهم القبطان جالفاو رسميا بسرقة السفينة، التي تبلغ قيمتها سبعة عشر مليونا ونصف مليون دولار. وفي الوقت نفسه فقد تلقى الأسطول البحري الحربي البرتغالي أمرا بالبحث عن السفينة وإغراقها إذا لزم الأمر، كما توجهت الحكومة البرتغالية بشكوى إلى «الإنتربول» ضد القبطان جالفاو.
في يوم الثلاثاء الموافق 31 يناير، وفي الساعة العاشرة صعد الأدميرال ألين سميث إلى ظهر السفينة «سانتا-ماريا»، وبمجرد أن أنهى اجتماعه عليها نزل هو ومرافقوه إلى بهو السفينة، حيث كان المسافرون في انتظاره. وفي التصريحات التي أدلى بها بعد ذلك، أكد الأدميرال للصحافة أن جميع الركاب الذين تم استجوابهم، أشادوا بالمعاملة الحسنة من جانب الثوار، بل إن كثيرا منهم أعربوا عن تأييدهم للقبطان جالفاو.
ما يزيد عن ثلاثمائة صحفي تجمعوا في القوارب بانتظار السماح لهم بالصعود على ظهر «سانتا-ماريا»، وفجأة إذ بأحد المظليين يقفز فجأة من طائرة كانت تحلق فوق السفينة، اتضح فيما بعد أنه الصحفي الفرنسي جيل ديلامار، الذي قرر أن يسبق رفاقه، لكنه أخطأ الهدف، ليسقط في الماء، وقد سارع أحد قوارب الثوار بإنقاذه قبل أن تفترسه أسماك القرش.
وفي يوم الأربعاء الموافق أول فبراير كانت «سانتا-ماريا» تقف على مكلأ ميناء ريسيفي، حيث صعد عليها مجموعة من موظفي الميناء بصحبة الأدميرال قائد المنطقة البحرية الثالثة، وفي المساء أكد الأدميرال دياز فرنانديز في وجود المحافظ بيلوبيداس. أكد القبطان جالفاو أن بإمكانه الدخول لميناء ريسيفي، ثم مغادرته بعد إنزال الركاب. وعلى هذا النحو تحقق الهدف الأول من «عملية دولتسينية»، وأصبح للثوار مطلق الحرية في التصرف في السفينة التي استولوا عليها، وفي المساء أيضا وصل السفينة الجنرال أومبرتو دياجاو، الذي لم يكن القبطان جالفاو قد شاهده منذ أربعة عشر شهرا مضت. في صباح اليوم التالي، الثاني من فبراير دخلت «سانتا-ماريا» في مشهد احتفالي إلى ميناء ريسيفي تصحبها ست سفن حربية، وناقلتا بترول أمريكيتان وعدد من السفن الأخرى.
Page inconnue