Histoire de Napoléon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Genres
وأنتم أيها الشيوخ الذين لم يفتني عضدهم ومشورتهم في أشد المواقف صعوبة، كونوا دائما سند هذا العرش الضروري لخير هذه الإمبراطورية الرحبة.»
في أوائل تشرين الثاني سافر بيوس السابع من روما فوصل إلى فونتينبلو في الخامس والعشرين منه، فاتجه نابوليون إلى ملاقاته على طريق نمور، وكان قد دبر نزهة صيد ليصادف وجوده على طريق البابا. عندما وقع نظر بونابرت على البابا ترجل، وعمل الخليفة مثله، وبعد أن تعاقنا صعدا إلى المركبة معا واتجها إلى قصر فونتينبلو الإمبراطوري حيث جرت بينهما محادثات عديدة، وفي الثامن والعشرين دخلا منه إلى باريس.
كان المسح قد عين في اليوم الثاني من كانون الأول. إلا أنهم ترددوا أولا في اختيار المكان. قال بعضهم في شان ده مرس، وقال البعض الآخر في كنيسة الأنفليد، سوى أن نابوليون فضل نوتردام. كان شان ده مرس طافحا بالذكريات الثورية فلم يصلح لاحتفال أرادت الثورة أن تظهر فيه أوروبا أنها تستطيع أن توفق بين وحدة السلطة والدين، وقد عملت على أن تنسي ابتداءاتها الهائجة وأحقادها الأولى على الملوك والكهنة.
في اليوم المعين اتجه بيوس السابع إلى نوتردام يتبعه عدد غفير من الإكليروس ، وتتقدمه، حسب العادة الرومانية، بغلة أضحكت الباريسين كثيرا ، مما أفسد مدة قصيرة جلال الموكب الحبري. أما الإمبراطور فقد جاء بعد البابا، لم يحط أمير من أمراء العالم بموكب أعظم وأفخم من الموكب الذي أحاط بنابوليون. كان هناك جميع العظماء العسكريين والملكيين؛ وكانت عظمة المجد الشخصي تمتزج بعظمة المقامات والجدارة. أما فخفخة الأشعرة والأزياء، وزين المركبات والجياد، وازدحام المتفرجين الذين أقبلوا من جميع أطراف الإمبراطورية فقد اشتركوا كلهم في إعارة ذلك المهرجان مشهدا من العظمة لم تر العصور مثله قط. وأما الأمة فقد مثلها في نوترادم رؤساء الأقاليم، والمدارس المنتخبة، ونواب وكالات الجيش، والفرقة التشريعية وباقي الفرق الكبرى في الدولة.
عندما انتهى البابا من الذبيحة تقدم الإمبراطور من الهيكل، ولكنه لم ينتظر حتى يتوجه البابا، بل أخذ التاج من يدي الحبر ووضعه على رأسه، ثم توج الإمبراطورة. وفي اليوم التالي جرى استعراض في شان ده مرس تبعه توزيع النسور الإمبراطورية على فرق الجيش. ولقد وزع الإمبراطور بنفسه هذه الأعلام على كل فرقة بمفردها، ثم أشار إلى الكتائب فاقتربت منه، فقال لها: «أيها الجنود، هذه هي أعلامكم، إن هذه النسور إنما هي عنوان التئامكم؛ ستكون دائما حيث يرى إمبراطوركم أنها ضرورية للدفاع عن عرشه وشعبه.
إنكم لتقسمون أن تضحوا بحياتكم في سبيل الدفاع عنهما، وأن تؤيدوهما بشجاعتكم في طريق الشرف والنصر؟»
فأجاب الجنود بهتاف واحد: «نقسم!»
أراد مجلس الشيوخ ومدينة باريس، عقيب ذلك، أن يثبتا عهد التتويج بمهرجانات أقامها للإمبراطور والإمبراطورة، ولقد رفع مجلس العاصمة البلدي، بهذه المناسبة، كتاب تهنئة إلى الإمبراطور، الذي أجابه بما يلي: «حضرات أعضاء المجلس البلدي، لقد مثلت بينكم لأعطي مدينتي الطيبة باريس ضمان حمايتي الخاصة، وإني لأجد لذة وواجبا في كل سانحة أن أبرهن لها عن حسن التفاني؛ إذ إني أريد أن تعرفوا أنني، في المواقع، في أصعب المواقف الخطرة، في البحار، في وسط الصحاري نفسها، لم أحول نظري فترة عن مذهب عاصمة أوروبا هذه.»
كان بيوس السابع قد بقي في باريس مدة تلك المهرجانات كلها؛ فإنه لم يحضر إلى فرنسا إلا على أمل أن يستفيد من تنازله ليس لصالح الدين فسحب، بل لسلطته الزمنية أيضا. إذن كان من الطبيعي أن يمدد إقامته بالقرب من نابوليون بقدر ما أوجبته الضرورة لتحقيق آماله. وسنرى فيما بعد هل تحققت هذه الآمال، وهل خطر يوما للإمبراطور، الذي بذل للحبر الروماني تلك الإكرامات وذلك الاحترام لقاء المسحة المقدسة التي أخذها منه، أن يضحي له بمبادئ السياسة الفرنسية في إيطاليا وفوائدها؟
الفصل العاشر
Page inconnue