Histoire de Napoléon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Genres
لنرجع إلى الخيالة الفرنسية؛ فإنها تمكنت بمعاضدة الحرس من الانقضاض على العدو على حين غفلة، فكان كل من أراد أن يعترضها في سبيلها تصيبه ضربة قاضية، حتى قدر لها أن تخترق الجيش الروسي مرات عديدة معملة فيه الموت والإرهاب. في أثناء ذلك كان المرشالان دافو وناي يقتربان، أحدهما من وراء العدو، والآخر من ميسرته. أما بنينكسون، فلما رأى أخريات جيشه معرضة للخطر، أراد أن يسترجع قرية شناديتن في الساعة الثامنة مساء ليمكن فيها استحكامه، إلا أن الرماحة الروسية، التي عهد إليها بهذه المخاطرة، لم تلبث أن كسرت شر كسرة وتفرقت شر تفريق، ولما كان غد انسحب الروسيون بعيدا عن بريجيل
3
تاركين ستة عشر مدفعا وجرحاهم في ساحة القتال.
كانت المذبحة هائلة رهيبة في يوم أيلو. جاء في المذكرة الثامنة والخمسين أن خسارة الفرنسيين قد بلغت ألفا وتسعمائة قتيل وخمسة آلاف وسبعمائة جريح، وبلغت خسارة الروسيين سبعة آلاف قتيل، إلا أن بعض المؤرخين يؤكدون أن هذا الإحصاء خطأ؛ إذ إن قتلى الفرنسيين بلغوا ثلاثة آلاف وبلغ جرحاهم خمسة عشر ألفا. وأما الروسيون فقد قتل منهم ستة آلاف وجرح عشرون ألفا. ولكن، كيف كان الأمر، فإن المعركة إنما كانت رهيبة هائلة لأن الإمبراطور كان في الرسائل الثلاثة التي كتبها إلى جوزيفين يتذكر دائما تلك المعركة بأسف شديد. قال: «حدثت أمس معركة كبرى كان النصر لي فيها إلا أني خسرت عددا كبيرا من الناس. إن خسارة العدو، وإن كانت أعظم من خسارتي، إلا أنها لم تعزني ...»
وجاء في رسالته الثانية: «هذه البلاد ملأى موتى وجرحى ... إن النفس لتنقبض لدى رؤية هؤلاء الضحايا ...»
تعود أعداء فرنسا، عندما يرون أنفسهم لم يقهروا بسهولة، أن يعتبروا نفوسهم قاهرين؛ فمن الطبيعي إذن، بعد أن حملوا الفرنسيين في موقعة أيلو مثل ما تحملوا هم من الخسائر، أن لا يقفوا عن القتال ويسلموا لشروط الصلح. لم تمر ثمانية أيام من غير أن يحدث نزيف دم جديد؛ ففي السادس عشر من شهر شباط انحدر القائد أسن إلى أوسترولنكا على رأس خمسة وعشرين ألف رجل وقاتل الفرقة الخامسة من الجيش الفرنسي التي يقودها الجنرال سافاري بمعاضدة القواد أودينو، وسوشه، وغازان . ولقد قتل في تلك المعركة ابن سوارو الشهير وقيض النصر للفرنسيين فيها. وفي اليوم نفسه نشر الإمبراطور نداء من أيلو جاء في آخره: «إننا، بعد أن أتلفنا جميع مقاصد العدو، سنقترب من الفيستول وندخل إلى معسكراتنا، فمن يجرؤ على إقلاق راحتنا يندم؛ فسنكون كما كنا في مقربة من الفيستول والدانوب، وسط برد الشتاء وأوائل الخريف، الجنود الفرنسيين، وجنود الجيش الكبير.»
كان نابوليون يعتني كثيرا بتكريم البسلاء، فأمر بأن تذوب المدافع التي غنمت في موقعة أيلو ويشيد بها تمثال للجنرال هوتبول، قائد الفرقة المدرعة الذي مات متأثرا من جراح أصيب بها في تلك المعركة الهائلة. ولقد أثنى على الجنرال سافاري لما أتاه من ضروب البسالة في أوسترولنكا
4
وقربه إليه، أما قيادة الفرقة الخامسة فقد عهد بها إلى مسينا.
بعد أن شهرت مواقع عديدة لم ينجم عنها نتائج تذكر كمواقع بترولد، ولينيو، وهلم جرا استقر معسكر الإمبراطور في فنكستن في الخامس والعشرين من شهر نيسان. إلا أن الجيش الفرنسي لم يلبث أن رقت حاشية حاله بعد تلك المواقع العديدة التي قاساها، فاضطر نابوليون إلى رديف جديد لأن السلطات العدوة إنما كانت تصر على استمرار الحرب، ولم يكن من حق المنتصر أن يتخلى بجبن عن ثمرة تلك المواقع العديدة التي قدر له الفوز فيها ويضع حدا للحرب بأن يضحي بجميع مصالحه ومجده.
Page inconnue