عندما هجم أهل القصيم على عنيزة اصطدموا بطلائع ابن الرشيد من أهلها ومن شمر، فتلاحم الفريقان، فقتل فهيد السبهان وما سلمت رجاله، فطلب السعوديون المدد، فأرسل عبد العزيز مائتين من رجاله بقيادة عبد الله بن جلوي، وكان عبد الله قد اشتهر بالبسالة والبطولة، فلما سمع أهل عنيزة بالنجدة التي جاء يقودها سلموا حالا إلى آل سليم.
أما ابن سعود فركب بعد أن صلى الفجر على رأس سرية من الخيل، و «نحر» المكان الذي كان فيه ماجد بن الرشيد. فلما رأى ماجد خيل ابن سعود لاذ بالفرار، فتعقبه واستولى على مركزه بعد أن قتل أكثر قومه وفيهم أخوه عبيد.
ثم عاد ماجد ومعه بضع وعشرون من الخيل والركائب، وفيهم نفر من آل سعود الذين كانوا منفيين في حائل، جاء بهم ليرد العدو المنتصر؛ لأنه إذا عرفهم، وهم من آل سعود، قد يمتنع عن القتال فلا يقتل أحد منهم، ولكن عبد العزيز عندما عرف أهله - قد دعوا منذ ذاك اليوم «العرايف»
5 - أمر بعقر خيلهم ليتمكنوا من خلاصهم. وكذلك كان. فقد فازوا يومئذ بعد عقر الخيل أثناء المعركة بسعود بن عبد العزيز وسعود بن محمد وفيصل بن سعد، فخلصوهم من القتل ومن الأسر.
1322 / 1904: وفي 5 محرم من هذه السنة (23 آذار) بعد اندحار ماجد بن الرشيد وفراره إلى حائل، تم فتح عنيزة، فدخلها ابن سعود، وأقام فيها بضعة أيام، ثم شد على بريدة فسلم أهلها، ولكن أمير ابن الرشيد والحامية فيها تحصنوا بالقصر فحاصرهم ابن سعود فثبتوا شهرين في الحصار، ثم سلموا في 15 ربيع أول، فتم في تسليمهم الاستيلاء السعودي على بريدة وعنيزة، وبالتالي على القصيم أجمع.
الفصل الخامس
البكيرية
إن أطول واد في البلاد العربية هو وادي الرمة الذي يمتد شرقا من حرة خيبر إلى الرس، ثم شرقا بشمال إلى البصرة. وهذا الوادي يخترق بلاد القصيم بين عنيزة وبريدة، فيشطرها شطرين، الشطر الغربي الشمالي والشطر الجنوبي الشرقي. وفي الشطر الأول بين بريدة والرس بضعة بلدان منها البكيرية والشيحية والخبرا التي يهمنا الآن ذكرها.
في ذاك المنعطف من الوادي تنازع ابن سعود وابن الرشيد السيادة في القصيم. في تلك الزاوية التي يمتد ضلعها بضعة وخمسين ميلا من الرس إلى بريدة ميدان القتال الهائل الذي سنروي خبره الآن. هناك احترب الفريقان ومع أحدهما عساكر الدولة العلية وأطوابها واقتتلا في وقعات عدة تعرف عند أهل نجد بوقعة البكيرية ووقعة الشنانة.
ذكرنا في الفصل السابق أن عبد العزيز الرشيد بعد توزيع قواته في نجد والقصيم سافر إلى العراق ليستنفر عرب شمر هناك ويستنجد الأتراك. وكأن الدولة أدركت آجلا حقيقة الحال في نجد، وأوجست خوفا من امتداد سيادة ابن سعود في البلاد، فأصاخت هذه المرة لابن الرشيد وأمدته بنجدة مؤلفة من أحد عشر طابورا وأربعة عشر مدفعا، وشيء كثير من الذخيرة والمؤنة والمال، وقد صادر ابن الرشيد جمال «العقيلات»
Page inconnue