الفصل الرابع عشر
الشيخ مبارك يستغيث
لا بد وقد وصلنا إلى هذا الحد من تاريخ ابن سعود عبد العزيز أن نعيد شيئا حديث العهد من تاريخ الانقلاب العثماني. فقد دك حزب الاتحاد والترقي عرش عبد الحميد، وأعاد الدستور إلى الأمة، وأسس فيها حكومة نيابية، ولكنه بعد أن تبوأ عرش السيادة استبد واستأثر فغدا كل واحد من زعمائه عبد حميد رهيبا.
وقد أغضب الحزب العرب خصوصا فقام منهم من أسسوا حزب الائتلافيين ليطالب باللامركزية صونا لحقوق العناصر غير التركية.
ثم قام في البصرة جماعة يرأسهم السيد طالب النقيب والشيخ خزعل والشيخ مبارك الصباح يؤسسون فرعا لهذا الحزب، بل كان من مقاصد تلك النهضة طرد الاتحاديين واستقلال العراق فيحكمها أحد أولئك الزعماء.
أثار عملهم غضب الحكومة فأمرت سعدون باشا الاتحادي بتجهيز حملة من العشائر على الشيخ مبارك؛ لأنه أكبر الثلاثة، ولأنه في نظر الدولة ذو سوابق سياسية.
على أن الزملاء الذين كانوا قد وعدوا الشيخ بالمساعدة خذلوه فأمسى منفردا في الورطة، فأرسل يستنجد ذاك الذي شب وترعرع في ظله. أرسل يستنجد من كان يسميه «أولدي» وقد صار زعيما للعرب كبيرا.
ولكن هذا الزعيم كان يومئذ في ورطة أشد من ورطة «والده» مبارك. ومع ذلك فقد مشى إلى الكويت بجيش صغير من العربان، وفيهم بعض العجمان.
عندما وصل عبد العزيز كان الشيخ مبارك قد جهز ما عنده من قوة لمحاربة السعدون، فأشار عليه بالتربص، وقال: «ليس بيننا وبين الرجل خلاف حقيقي يوجب الحرب، وإني أرى مسالمته أولى. المسألة طفيفة وأنا أتوسط بينكم وبين السعدون.»
شق على الشيخ مبارك أن يسمع مثل هذا الكلام، فازدرى نصيحة «ولده» الذي طالما أمده بالنصائح وكان عونه في الشدائد.
Page inconnue