Histoire de la grammaire arabe
تاريخ النحو العربي: منظورا إليه من جهة تطور مفهومه: تأملات استكشافية
Genres
لم يعد تاريخ كهذا مرضيا. وليس واضحا في البداية كيف يمكن أن ينجز تاريخ آخر، بيد أن ما هو مؤكد أن إنجاز تاريخ مغاير لن ينجز عن طريق تفكير مضمون النتائج؛ إنما من الواجب أن يغامر الباحثون. ذلك أن العقل البشري إذا لم يكن موجها بالمغامرة، فإنه لا يستطيع أن يتغلب على ما كان يعتبر حقائق مقررة نشأ عليها، وفي العلوم الإنسانية المفتوحة على بعضها البعض لن يكون من المناسب لعلم معين ألا يخرج من كهفه إلى ما تشمله العلوم الإنسانية الواسعة.
لا يمكن أن تكون إعادة كتابة تاريخ النحو العربي بلا فائدة مثله مثل إعادة كتابة التاريخ العام. لقد اعتقد جوته أنه يتعين من وقت إلى آخر إعادة كتابة التاريخ العام، لا لأننا نكتشف وقائع جديدة، ولكن لأننا ندرك جوانب مختلفة، ولأن التقدم يأتي بوجهات نظر تفسح المجال أمام إدراك الماضي والحكم عليه من زوايا جديدة؛
1
لذلك رأيت أن كتابة تاريخ جزئي للنحو ستضفي على هذا الجزء الحيوية والنشاط الذي يتولد عن إدراك تاريخ النحو من زاوية جديدة.
لكي نعيد كتابة تاريخ علم النحو العربي نحتاج إلى أن نتخلى عن الأحكام المسبقة، وإلى عدسة جديدة. يشبه هذا أن نستخدم نظارة طبية تحول الإحساس بالمنظور، بحيث تكاد تلمس الأجسام بعد أن كانت بعيدة وغائمة، وأن ننتقل من مرحلة عاطفية إلى مرحلة عقلانية، من مغامرة فكرة إلى أمان معقوليتها. ومن هذه الأفكار فكرة أن يؤرخ للنحو العربي استنادا إلى تطور مفهومه.
مناطق تاريخ علم النحو المقترحة
إذا ما نظر إلى فكرة تاريخ مفهوم النحو العربي من الجانب الذي تبدو عليه ضمن تاريخ النحو، فإنها تبدو فكرة واحدة؛ ذلك أن أفكار تاريخ النحو العربي يمكن أن تكون أكثر منها بكثير. يمكن أن أضع تحت تاريخ النحو العربي تحليل صراع النحاة المتعلق بقضايا النحو ومسائله العلمية، والتساؤل عن الفكرة التي كونتها كل جماعة نحوية، وتتبع بناء مفاهيم النحو المؤسسة والنحاة الذين ساهموا في تأسيسها، وتتبع المفاهيم الموجهة للنحو والنحاة الذين ساهموا في تأسيسها.
تتوسع أفكار تاريخ النحو العربي بقدر ما نغامر في عرض أسئلة جديدة أو نعيد التفكير في أجوبة قديمة ومعادة ومألوفة؛ فكتب مراتب النحويين تتيح لمؤرخ النحو تحليل الكيفية التي قام بها النحاة بوصفهم أساتذة وشيوخا لنحاة آخرين. وكتب الطبقات تتيح له الكيفية التي تترابط بها جماعة نحوية ما. والشروح والحواشي تعطينا صورة تخطيطية لعصور المعرفة النحوية، ومساهمات النحاة الكبار تعطينا تاريخا لتكون أو تطور أو تفكك أو حتى تنقيح المفاهيم النحوية. وكتب الخلاف تعطينا فكرة عن مشكلات النحو الكبرى، ومخططا تاريخيا لتطور تلك المشكلات.
تتيح مناطق عمل كهذه أن تنقذ تدهور تاريخ النحو العربي الذي تعود إنجازاته التي نعرفها إلى قرون قديمة، وإلى إنجازات أقل في القرن الماضي. وبالرغم من كل الملاحظات التي أبديناها تحت كلمة «طيف» إلا أن الذين ألفوا في الخلافات النحوية، ومراتب النحويين وطبقاتهم والمدارس النحوية وفروا للباحثين مادة مهمة يمكن أن يجد فيها مؤرخ علم النحو نفسه في وضع يسمح له أن يرى تاريخ النحو من وجهة نظر غير مألوفة ومختلفة عن تلك التي أراد أولئك أن نراه.
أسئلة تاريخ علم النحو المقترحة
Page inconnue