Histoire de l'Égypte depuis la conquête ottomane jusqu'à une période récente
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Genres
إلا أن «توكولي» لم يكتف بذلك، بل رغب في أن يكون هو واليا على المجر؛ ولذلك صفا إلى «قره مصطفى» الذي مناه بولاية المجر إذا انضم إليه على الإمبراطور؛ وبذلك تم كل شيء «لقره مصطفى» بعد أن وثق من عدم مساعدة «لويس الرابع عشر» للإمبراطور، ومن منعه ألمانيا أيضا من مؤازرة النمسا.
أماط «قره مصطفى» اللثام عن أغراضه سنة (1093ه/1682م)، وأعلن في (ربيع 1094ه/1683م) أن المجر ولاية عثمانية، وعبر نهر الطونة على رأس جيش يبلغ 150000 جندي. فلما رأى الإمبراطور حرج موقفه، وأن فرنسا تقف سدا أماه في كل باب يطلب منه المساعدة، يئس من مقاومة الترك.
إلا أن «جون سوبيسكي» نكث العهد وأقنع أمته بضرورة مساعدة الإمبراطور، وفي 31 مارس أبرمت محالفة بين الدولتين تعهدت فيها بولندا بتجريد 40000 مقاتل للدفاع عن النمسا.
وكانت الجيوش التركية في هذه الأثناء متابعة الزحف نحو «فينا» حتى اضطر الإمبراطور «ليبولد» إلى الانتقال بحاشيته إلى «بساو»، وفي 9 يوليو خفقت الأعلام التركية على مقربة من أسوار فينا، وفي 14 منه حوصرت المدينة وحفرت خنادق الحصار.
وكانت حالة المدينة سيئة جدا، غير متأهبة للحصار، وكان عدد حاميتها 14000 مقاتل فقط، وهي غاصة بالقرويين اللاجئين إليها من الأرياف، وكانت أسوارها قديمة متداعية إلى السقوط، على حين أن المهندسين من الترك ورجال مدفعيتهم كانوا من أمهر رجال أوروبا في ذاك العصر.
ومع كل هذا لم ينتفع قره مصطفى بهذه الفرصة، وأضاعها بتلكئه وتوانيه؛ فإنه بعد أن شتت شمل رجال الإمبراطور وأنزلهم من معاقلهم، وأصبحت المدينة ممكنة الفتح معورة من كل جهاتها، لم يقدم على مهاجمتها، بل تردد، وكان غرضه أن تسلم المدينة بلا حرب، ويأخذ ما فيها من الخيرات لقمة سائغة لنفسه.
وكان جون سوبيسكي في هذه الأثناء يجمع جموعه بكل سرعة عند «كركاو» لإنقاذ المدينة. وكان «الدوق لورين» قائد قوات الإمبراطور قد بعد عن المجر وعسكر شرقي «فينا» على مسافة منها، ووكل أمر الدفاع عنها إلى الكونت استهرمبرج قائد الحامية، ولم يجرؤ على الزحف لتخليص المدينة حتى أتاه «جون سوبيسكي» في 2 سبتمبر سنة 1683م وتسلم قيادة الجيش، ثم زحف نحو المدينة وصار على مقربة من معسكر الجيش التركي حين كانت الحاجة ماسة إليه جدا؛ إذ كانت الأتراك قد نقبوا أسوار المدينة، وتفشى المرض في أهليها، فلما رأت الحامية طلائع النجدات دب في نفوسهم روح الأمل، وأيقنوا أن النصر أصبح منهم قاب قوسين أو أدنى، وتمت لهم أمانيهم بهجوم «جون سوبيسكي» على مقدمة الجيش التركي، ثم باشتباكه معه في معركة عنيفة شتت فيها شمل الأتراك وأنقذ المدينة، وقد نجا «قره مصطفى» بحياته بعد أن يئس من الخلاص، وجمع شتات جيشه المنهزم عند «بلغراد».
ومن هذا الحين ابتدأ نجم الأتراك يأفل في أوروبا. أما «قره مصطفى» فإن الترك باعوه ذلك النصر المضيع بضرب عنقه، على أن خلفه إبراهيم كان نصيبه القتل والهزيمة أيضا؛ إذ اندحرت الترك في نفس العام في شهر أكتوبر عند «بركاني» على يد «جون سوبيسكي»، فأجلاهم عن كل بلاد المجر.
وفي العام التالي (1095ه/1684م) انضمت جيوش البندقية إلى جيوش «جون سوبيسكي» لاقتفاء جيوش الترك المنهزمة. وفي هذا العام عقد «الحلف المقدس» بين الإمبراطور وبولندا والبندقية على الترك، ولم تمض إلا فترة يسيرة حتى ظهرت ثمرته؛ لأنه بالرغم من اعتزال «جون سوبيسكي» قيادة الجيش في (1097ه /1685م) لاعتلال صحته وشيخوخته، بقيت فتوح الحلف المقدس تمتد على نهر الطونة برا، وفي البحر الأبيض المتوسط بحرا.
ولم تمض هذه السنة حتى استرد «دوق لورين» جميع المجر التركية عدا «بودا»، واستولى الأسطول البندقي على عدة بلاد على ساحل «ألبانيا». وفي العام المقبل سقطت «بودا» في يد «لورين»، وأخضع لورين جميع المجر، وفي عام (1099ه/1687م) دحر الصدر الأعظم عند مدينة «موهاكز» التاريخية، واسترجع القائد «لورين» «كرواتيا» و«سلافونيا» وأخضع «ترانسلوانيا»، ثم عبر نهر «الطونة» وأخذ «بلغراد» عنوة، واستمر في الزحف حتى وصل إلى «نيش» عام (1100ه/1688م).
Page inconnue