Histoire de l'Égypte depuis la conquête ottomane jusqu'à une période récente
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Genres
ولما تولى الملك «مراد الأول» ابن أرخان (761-792ه /1359-1389م) هم بمواصلة تلك الفتوح؛ فأخضع معظم بلاد «الروملي» - الروم إيلي - واستولى فيها على «أدرنة» - التي أصبحت عاصمة جديدة للدولة - و«فلبو بوليس » - فلبة - وغيرهما من المدن العظيمة، فضاق بذلك نطاق أملاك الدولة الشرقية وهال هذا الفوز الكبير أمراء أوروبا؛ فعزموا على رد الترك إلى بلادهم في آسيا، فخرج لذلك الوجه ملوك «البوسنة» - البشناق - و«المجر» و«الصرب» بجيش عظيم ساروا به إلى «أدرنة»، فهزمهم الترك شر هزيمة سنة (765ه/1363م) ثم قفوا على أثر ذلك بإخضاع «بلغاريا»، وضمها إلى أملاكهم سنة (791ه/1388م) فعاود الفزع إمارات أوروبا الشرقية، وتحالفوا على قهر مراد، فسار إلى الصرب ليردهم، فالتقى بهم في واقعة «قوصوة» الشهيرة سنة (792ه/1389م)، فاصطلم جيوشهم اصطلاما، إلا أنه قتل على أثر الموقعة؛ طعنه صربي ثار به من بين القتلى، وكانت نتيجة تلك الواقعة أن دخلت «الصرب» أيضا في حوزة الدولة العثمانية.
ولم تكن غزوات مراد قاصرة على أوروبا، بل كان سيل جيوشه يتدفق على آسيا؛ فاستولى في أوائل حكمه على مدينة «أنقرة»، وواصل بعد فتوحه فيها، فاندرجت أربع من الإمارات العشر التي قامت على أنقاض دولة السلاجقة في سلك الأملاك العثمانية.
ثم خلفه ابنه «بايزيد الأول» (792-805ه/1389-1402م)، فلم يقل عن أبيه مهارة وإقداما؛ فأخضع باقي الإمارات التركية في آسيا، ووطد أركان دولته في أوروبا، وزاد عليها كثيرا من مدن الروملي، التي كانت لم تزل بعد في يد المسيحيين.
من أجل ذلك عم الهول والفزع معظم الأوروبيين، من كثرة فتوح العثمانيين وسرعة تقدمهم في أوروبا، وقامت بها ضجة دينية للحض على غزاتهم؛ فقام البابا يدعو الناس باسم الدين إلى مقابلتهم، وخرج لذلك جيش أوروبي عظيم بقيادة «سجسمند» ملك المجر، ضم بين كتائبه كثيرا من فرسان فرنسا وألمانيا، وكان بايزيد إذ ذاك غائبا في آسيا؛ ففاز الأوروبيون في بادئ الأمر، واستردوا من الترك كثيرا من المدن، ثم شرعوا في حصار مدينة «نيقوبوليس»، وهي من أمنع المدن على نهر «الطونة»، فلما علم بايزيد بذلك أسرع للقائهم، فهزمهم هزيمة تعد من أنكر الهزائم التي دونها التاريخ؛ بحيث لم ينج من جيوشهم إلا النزر اليسير، سنة (799ه/1396م).
وشرع بايزيد بعد واقعة نيقوبوليس هذه في غزو بلاد اليونان؛ فأخضع منها «تساليا» و«أبيروس»، وكان على وشك التأهب لفتح القسطنطينية، التي طالما تاقت نفسه ونفس الفاتحين من المسلمين لغزوها، لولا أن داهمته غارة التتار على أملاكه الآسيوية بقيادة الجبار الشهير «تيمورلنك»، فخرج بايزيد لصده، وتقابل الجيشان في «أنقرة» سنة (805ه/1402م)، فكانت الهزيمة على العثمانيين، وأخذ بايزيد أسيرا،
3
فبقي في أسره حتى مات كمدا بعد ذلك بثمانية أشهر.
وقد كادت هذه الهزيمة تكون قاضية على العثمانيين لولا أن هلك «تيمورلنك» وتشتت شمل دولته إثر وفاته، وكان لبايزيد أربعة أولاد، بقوا عشر سنين يقتتلون من أجل العرش.
ثم انتهى الأمر بتغلب أحدهم «محمد الأول» (816-824ه/1413-1421م)، فكان من خيرة سلاطين آل عثمان؛ لم شعث الدولة بعد أن مزقها «تيمورلنك»، وكبح جماح الإمارات التي كانت أخذت تتمرد على الدولة لما رأته من انهزامها الشنيع، وأصلح ما أفسدته الفتن التي حدثت بينه وبين إخوته قبل خلوص الملك له. ولم يمض عليه ثمانية أعوام حتى استرجع للدولة كل ما كان لها قبل واقعة أنقرة؛ فكان ذلك من أمجد ما وعاه التاريخ للدولة العثمانية.
ومات السلطان «محمد الأول» سنة (824ه/1421م) في الثالثة والثلاثين من عمره، فخلفه «مراد الثاني» (824-855ه/1421-1451م)، فعمل على مواصلة الفتوح التي وقفتها غارة تيمورلنك، وكان إمبراطور دولة الروم الشرقية قد مالأ أحد المطالبين بالملك من أبناء مراد؛ فقابل ذلك مراد بمحاصرة القسطنطينية، وقد كاد يفتحها لولا أنه اضطر إلى فض الحصار عنها لإخماد ثورة أثارها عليه في آسيا أحد إخوته.
Page inconnue