Histoire moderne de l'Égypte : de la conquête islamique à nos jours, avec un aperçu de l'histoire de l'Égypte ancienne
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Genres
يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر؛ فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض.» فقال له أبو بكر رضي الله عنه: ولم يا رسول الله؟ قال: «لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة.» فاحمدوا الله يا معشر الشباب على ما أولاكم، فتمتعوا في ريفكم ما طاب لكم، فإذا يبس العود، وسخن الماء، وكثر الذباب، وحمض اللبن، وصوح البقل، وانقطع الورد من الشجر؛ فحي إلى فسطاطكم على بركة الله، ولا يقدمن أحد منكم ذو عيال إلا ومعه تحفة لعياله على ما أطاق من سعته أو عسرته. أقول قولي هذا وأستحفظ الله عليكم. ا.ه. (ن) خليج أمير المؤمنين
ومن الأعمال العظيمة التي أجريت على يد عمرو بن العاص: احتفار الخليج الموصل بين النيل والبحر الأحمر سنة 23ه، ودعاه خليج أمير المؤمنين، وسبب ذلك: أن الناس بالمدينة أصابهم جهد شديد في سنة الرمادة؛ فكتب الخليفة إلى عمرو بن العاص ما نصه: «من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاصي بن العاصي سلام، أما بعد؛ فلعمري يا عمرو ما تبالي إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معي، فياغوثاه، ثم يا غوثاه.» فكتب إليه عمرو: «إلى أمير المؤمنين من عبد الله بن عمرو بن العاص، أما بعد، فيا لبيك، ثم يا لبيك، قد بعثت إليك بعير أولها عندك، وآخرها عندي، والسلام.»
أراد بذلك أنه أرسل له قافلة من الجمال عظيمة؛ الجمل الأول منها في المدينة، والآخر في مصر، يتبع بعضها بعضا. فلما قدمت على الخليفة وسع بها على الناس، ودفع إلى أهل كل بيت بعيرا بما عليه من الطعام؛ ليأكلوا الطعام، ويأتدموا بلحمه، ويحتذوا بجلده، وينتفعوا بالوعاء الذي كان فيه الطعام فيما أرادوا من لحاف وغيره.
فلما رأى الخليفة ذلك حمد الله، وكتب إلى عمرو أن يقدم إليه هو وجماعته من أهل مصر فقدموا. فانفرد بعمرو، وقال له: «يا عمرو، إن الله قد فتح على المسلمين مصر، وهي كثيرة الخير والطعام، وقد ألقي في روعي لما أحببت من الرفق بأهل الحرمين، والتوسعة عليهم حين فتح الله عليهم مصر، وجعلها قوة لهم ولجميع المسلمين والعرب قد تشاءمت بي، وكادت أن تغلب على رحلي، وقد عرفت الذي أصابها، وليس جند من الأجناد أرجى عندي أن يغيث الله بهم أهل الحجاز من جندك، فإن استطعت أن تحتال لهم حيلة حتى يغيثهم الله تعالى.» فقال عمرو: «ما شئت يا أمير المؤمنين، قد عرفت أنه كانت تأتينا سفن فيها بحار من أهل مصر قبل الإسلام من خليج كان مفتوحا بين النيل المبارك وبحر القلزم، فلما فتحنا مصر انقطع ذلك الخليج، واستد وتركه التجار، فإن شئت أن نحفره فننشئ فيه سفنا يحمل فيها الطعام إلى الحجاز فعلته.» فقال الخليفة: نعم، فافعل. ولما خرج عمرو من حضرة أمير المؤمنين لاقاه الذين أتوا معه من مصر، فذكر لهم ما كان من حديث الخليفة، فقالوا: «ماذا جئت به أصلح الله الأمير، أتريد أن تخرج طعام أرضك وخصبها إلى الحجاز، وتخرب هذه؟ فإن استطعت فاستقل من ذلك.» فاستصوب قولهم، ثم جعل يتردد بين الأمرين.
فلما حان أوان عوده إلى مصر ذهب لوداع أمير المؤمنين، فقال له: «يا عمرو، انظر إلى ذلك الخليج، ولا تنسين حفره.» فأجاب عمرو: «يا أمير المؤمنين، إنه قد انسد، وتدخل فيه نفقات عظيمة.» فقال له: «أما والذي نفسي بيده إني لأظنك حين خرجت من عندي حدثت بذلك أهل أرضك فعظموه عليك وكرهوا ذلك، أعزم عليك إلا ما حفرته وجعلت فيه سفنا.» فقال عمرو: «يا أمير المؤمنين، إنه متى ما يجد أهل الحجاز طعام مصر وخصبها مع صحة الحجاز لا يخفوا إلى الجهاد.» فقال الخليفة: «إني سأجعل من ذلك أمرا؛ ألا يحمل في هذا البحر إلا رزق أهل المدينة وأهل مكة.» فأفحم عمرو، وعاد إلى مصر، وباشر لساعته حفر الخليج ومعالجته، وجعل فيه السفن، ودعاه «خليج أمير المؤمنين» ولم يزل يحمل فيه الطعام حتى حمل فيه بعد ذلك عمر بن عبد العزيز، ثم ضيعه الولاة فأهمل، وسيأتي تفصيل ذلك عند الكلام على ترعة السويس في أيام الخديوي إسماعيل باشا.
وفي خلال ذلك تجند عمرو إلى الغرب ، ففتح برقة وصالحه أهلها على الجزية، ثم سار إلى طرابلس الغرب ففتحها أيضا، وكتب إلى الخليفة بذلك سنة 22 للهجرة. (2) خلافة عثمان بن عفان (من سنة 23-35ه/644-655م)
وبعد فتح طرابلس الغرب بقليل قتل الإمام عمر بن الخطاب، قتله فارس يقال له: فيروز، الملقب بأبي لؤلؤة، كان عبدا للمغيرة بن شعبة، في 26 ذي الحجة سنة 23ه، بعد أن تولى الخلافة عشر سنين وخمسة أشهر وثمانية وعشرين يوما.
ونادى قبل وفاته بعبد الرحمن بن عوف فصلى في الناس، ثم قيل: لو استخلفت يا أمير المؤمنين، فقال: «دعوني أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وهو عنهم راض» ثم دعا عليا وعثمان والزبير وسعدا؛ فقال: «انتظروا أخاكم طلحة ثلاثا فإن جاء وإلا فاقضوا أمركم؛ فقد قبض رسول الله وهو عنكم راض، وإني لا أخاف الناس عليكم إن استقمتم، ولكني أخافكم فيما بينكم فيختلف الناس، فانهضوا إلى حجرة عائشة بإذنها، فتشاوروا فيها ثلاثة أيام، ولا يأتين اليوم الرابع إلا وعليكم أمير منكم، ويحضر عبد الله بن عمر (ابنه) مشيرا، ولا شيء له من الأمر، وطلحة شريككم في الأمر، فإن قدم في الأيام الثلاثة فأحضروه أمركم، وإن مضت الأيام الثلاثة قبل قدومه فأمضوا أمركم. أنشدك الله يا علي، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني هاشم على رقاب الناس. أنشدك الله يا عثمان، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني معيط على رقاب الناس. أنشد الله يا سعد، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل أقاربك على الناس. فتشاوروا واقضوا أمركم، وليصل بالناس صهيب.» وترى في شكل
Page inconnue