Histoire moderne de l'Égypte : de la conquête islamique à nos jours, avec un aperçu de l'histoire de l'Égypte ancienne

Georges Zaydane d. 1331 AH
223

Histoire moderne de l'Égypte : de la conquête islamique à nos jours, avec un aperçu de l'histoire de l'Égypte ancienne

تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم

Genres

شكل 1-2: السلطان محمد الفاتح يوم دخوله القسطنطينية بعد فتحها سنة 1453.

وحارب العثمانيون أعظم ملوك أوروبا وطاردوهم إلى بلاد المجر، وحاصروا فينا عاصمة النمسا، وأخذوا الجزية من الأرشيدوق فردينان، واكتسحوا البحر الأبيض إلى شواطئ إسبانيا، ووجهوا مطامعهم من الجهة الأخرى نحو الشرق، ففتحوا العراق والشام ومصر على يد سليم الفاتح كما تقدم، وبسلطنته يبدأ هذا الجزء من تاريخ مصر الحديث. (2) سلطنة سليم بن بيازيد (من سنة 923-926ه/ 1517-1520م)

أمر السلطان سليم بدفن طومان باي قرب قبر قنسو الغوري، وبعد دفنه بثلاثة أيام دخل السلطان سليم عاصمة الديار المصرية ظافرا في غاية ربيع أول سنة 923ه. وبعد يسير نزل إلى الإسكندرية في فرقة من جيوشه لوضع الحماية عليها. ثم عاد إلى القاهرة ومكث فيها إلى 20 شعبان من تلك السنة فبرحها قاصدا الروملي. ويقال إنه نقل معه ألف جمل محملة ذهبا وفضة فضلا عن أسلاب أخرى وهدايا قدمت له. وقبل خروجه من مصر جعل فيها حكومة منظمة فأصبحت مصر أيالة عثمانية.

وكان فيها من الخلفاء العباسيين إذ ذاك محمد المتوكل على الله (الثالث) الخليفة الثامن عشر من الدولة العباسية بمصر. وكيفية وصول الخلافة إليه أن الإمام المستنجد بالله الخليفة الخامس عشر الذي تولى الخلافة في أيام ينال سنة 859ه، كما تقدم توفي في 24 محرم سنة 884ه بعد أن تولاها 25 سنة، وولي مكانه الخليفة عبد العزيز بن يعقوب حفيد الخليفة العاشر المتوكل على الله ولقب بلقب جده. ثم توفي يوم الجمعة في 2 صفر سنة 903ه، فخلفه الخليفة أبو صابر يعقوب الملقب بالمستمسك بالله، ثم خلف هذا نحو الفتح العثماني الخليفة محمد المتوكل على الله المتقدم ذكره. فلما فتح العثمانيون مصر رأى السلطان سليم الفاتح أن نصره لا يؤيد إلا إذ قبض على الأزمة الدينية. فاستخرجها من أيدي الخلفاء العباسيين فصارت الخلافة الإسلامية إلى العثمانيين وأول خلفائهم السلطان سليم. وأما الخليفة العباسي فإنه نقل إلى الأستانة وخصص له راتب معين لنفقاته، وقبل وفاة السلطان سليم بيسير عاد المتوكل إلى مصر وعاش فيها منفردا إلى أن توفاه الله سنة 945ه، وهو آخر الخلفاء العباسيين. (2-1) الخلافة والعرب والترك

ويجدر بنا أن نقول كلمة في الخلافة ونسبتها إلى العرب أو غيرهم. أفضت أمور المسلمين إلى ملوك وسلاطين من الفرس والأتراك والأكراد والبربر والجركس وغيرهم، ومع ما بلغوا من سعة الملك وعز السلطان، ومع حاجتهم إلى السيادة الدينية لتستقيم دولهم وتجتمع الرعية على طاعتهم لم يخطر لأحد منهم أن يطلب الخلافة لنفسه قبل انتقال الإسلام إلى طوره الثاني بعد تضعضه بفتوح المغول. ولا ادعاها أحد من العرب غير قريش. وأول سلطان غير عربي بويع بالخلافة السلطان سليم العثماني، ولا تزال الخلافة في دولته إلى الآن.

على أن الذين قويت شوكتهم في عهد ذلك التمدن من الأمراء المسلمين أو القواد غير العرب، كانوا إذا طمعوا بالسيادة الدينية أو الخلافة انتحلوا لأنفسهم نسبا في قريش، كما فعل أبو مسلم الخراساني لما رأى من نفسه القوة على إنشاء الدولة، وربما طمع بالخلافة فانتحل لنفسه نسبا في بني العباس، فقال إنه ابن سليط بن عبد الله بن العباس.

وأما الملوك أو السلاطين الأعاجم فلما ضخمت دولهم في أواخر العصر العباسي، ورأوا انحطاط الخلافة وتقهقرها وتمنوا الاستغناء عنها، ولكنهم لم يروا سبيلا إلى ذلك إلا أن يستبدلوها بخلافة أخرى. على أن بعضهم طمع بالنفوذ الديني من طريق الانتساب إلى الخليفة بالمصاهرة. وأول من فعل ذلك عضد الدولة بن بويه المتوفى سنة 372ه، فإنه حمل الطائع لله الخليفة العباسي في أيامه أن يتزوج بابنته، وغرضه من ذلك أن تلد ابنته ولدا فيجعله ولي عهده، فتكون الخلافة في ولد لهم فيه نسب ولم يوفق إلى مراده.

ولما أفضت السلطة إلى السلاجقة تقدموا في هذا الطريق خطوة أخرى، فعمدوا إلى التقرب بالمصاهرة أيضا ولكن على أن يتزوج السلطان طغرلبك السلجوقي ابنة الخليفة وهو يومئذ القائم بأمر الله، فخطبها إليه ووسط قاضي الري في ذلك فانزعج الخليفة لهذا الطلب أيما انزعاج؛ إذ لم يسبق أن يتزوج بنات الخلفاء إلا أكفاؤهم بالنسب، وكانت يد السلطان قوية والخليفة لا شيء في يده فأخذ في استعطافه ليعفيه من الإجابة على طلبه ، فأبى السلطان إلا أن يجاب. وحدثت أمور يطول شرحها خيف منها على الدولة فاضطر الخليفة إلى القبول، فعقد له عليها سنة 454ه، وهذا ما لم يجر مثله قبله؛ لأن آل بويه لم يطمعوا بذلك ولا تجاسروا على طلبه مع مخالفتهم للخليفة في المذهب؛ إذ يكفي من الخليفة تنازلا أن يتزوج بنات الملوك لا أن يزوجهم بناته، ولم ينل هذا الشرف أحد قبل طغرلبك. ومع ذلك فإنه لما دخل إلى عروسه في السنة التالية قبل الأرض بين يديها وهي جالسة على سرير ملبس بالذهب، فلم تكشف الخمار عن وجهها ولا قامت له. وظل أياما يحضر على هذه الصورة وينصرف. على أنه لم يوفق لإتمام ما أراده؛ لأنه توفي في تلك السنة. أما المبايعة بالخلافة لغير العرب فلم تنلها دولة إسلامية قبل العثمانيين. (2-2) نظام الحكومة المصرية أيام العثمانيين

وأخذ السلطان سليم في تأييد سلطته في مصر؛ ليأمن من تمردها وتلاعب ذوي الأغراض فيها. فجعل عليها حاكما يلقب بالباشا إليه مرجع الحل والعقد. وكان من جملة الذين انحازوا إلى العثمانيين في واقعة مرج دابق أمير يقال له خير بك من كبار رجال قنسو. فلما فتح الله على العثمانيين ولاه السلطان سليم على مصر بلقب باشا. ثم خشي من تفرد هذا الحاكم بالأمر مع بعد مصر عن الأستانة أن يكون داعيا لعصيانه. فأعمل الفكرة فيما يكفيه مئونة هذا الخطر فاهتدى إلى طريقة تضمن له ذلك. وهي أن يجعل في مصر ثلاث إدارات كل منها تراقب أعمال الأخريين؛ فلا يخشى من اتحادها وتمردها.

فالقوة الأولى: «الباشا»، وأهم واجباته إبلاغ الأوامر السلطانية لرجال الحكومة وللشعب ومراقبة تنفيذها.

Page inconnue