Histoire moderne de l'Égypte : de la conquête islamique à nos jours, avec un aperçu de l'histoire de l'Égypte ancienne
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Genres
شكل 9-10: نقود الآمر بأحكام الله ضربت في الإسكندرية. (8) خلافة الحافظ بن محمد (من 524-544ه/1130-1149م)
ولم يكن للآمر أولاد ذكور فكان الحق بالخلافة لابن عمه عبد المجيد بن القاسم بن محمد، ولكن أرملة الخليفة كانت حاملا فلقب عبد المجيد بنائب الملك ريثما تلد، ويرون ماذا يكون المولود؟ فوضعت ابنة، فبويع عبد المجيد، ولقب بالحافظ لدين الله. فاستوزر أحمد بن الأفضل بن أمير الجيوش فقام بالوزارة حق القيام فعظم في عيني الخليفة فكثر حساده فقتلوه. فاستوزر وزيرا آخر اختبر فيه الدراية والحكمة، واسمه بهرام لكنه لم يلبث أن قتل في أواخر سنة 543ه فعزم الخليفة بعد ذلك أن يتولى أعباء الوزارة بنفسه.
وفي خلال ذلك لم يكن في مصر اضطراب إلا من حيث مشاركتها سوريا بالحروب الصليبية، على أنها ما فتئت ساهرة تخشى غائلة تلك التعصبات، لكنها لم تكد ترتاح من حروبها في الشرق حتى ظهر لها عدو هائل في الغرب فأصبحت الدولة الفاطمية حجرا بين مطرقتين: فعدوها في الشرق الصليبيون، وأما في الغرب فملك صقلية روجر الثاني، وقد تقدم أنه تولى هذه الجزيرة بالإرث، وكان الفاطميون قد علموا بذهابها من أيديهم فلم يأسفوا عليها؛ لبعدها عن مركز حكومتهم.
فلم يقنع روجر بما ناله فحملته مطامعه أن يطلب الفتح فجرد عمارة من مائتين وخمسين شراعا، وتقدم نحو إفريقيا سنة 539ه واستولى على برصة، وقتل كل من كان فيها من الرجال، واستعبد النساء، وفي سنة 541ه وضع يده على طرابلس الغرب، واستولى في سنة 543ه على المهدية مهد الخلافة الفاطمية، وكان قد هجرها أهلها؛ لجوع مدقع حل بهم. ثم تقدم روجر من هناك قاصدا الإسكندرية. فوقعت مصر في حيرة، وقد أصبح هذا العدو في عينيها أشد وطأة من الصليبيين؛ لاشتغال هؤلاء عن مصر بما كان يهددهم به زنكي، وأتابك محمود الملقب بالملك العادل نور الدين.
شكل 9-11: نقود الحافظ لدين الله.
وفي أثناء ذلك توفي الخليفة الحافظ في جمادى الثانية سنة 544ه بعلة القولنج، وكان كثير الإصابة بها. فعمل له موسى الطبيب النصراني طبل القولنج، وهو عبارة عن طبل مركب من سبعة معادن عليه الكواكب السبعة، وكان من خاصته أن الإنسان إذا ضربه خرج الريح من مخرجه، ولهذه الخاصية كان ينفع في القولنج، وكان سن الحافظ عند موته ثمانين سنة، ومدة حكمه 19 سنة و7 أشهر ولم يكن من التدبير والحكمة على شيء؛ فكان يعهد إدارة الأحكام لوزرائه مكتفيا بالسلطة الدينية المحصورة في كل خليفة، ولم يكن لديه من السلطة السياسية إلا التوقيع على الأوامر في تثبيت الأمراء على إماراتهم شأن الدول عند وشك انحلال ملكها، إلا أن تغيير الوزراء جعل فيه بعض الاهتمام في الأحكام.
وترى في شكل
9-11
صورة نقود الحافظ لدين الله ضربت في الإسكندرية سنة 544ه وهي السنة التي توفي فيها. (9) خلافة الظافر بن الحافظ (من 544-549ه/1149-1154م)
واستخلف الحافظ ابنه إسماعيل أبا المنصور فبويع، ولقب بالظافر بأمر الله لكنه لم يكن مطابقا لذلك الاسم، وكان عمره 17 سنة، وهو أصغر أولاد أبيه سنا، وكان كثير اللهو واللعب، والتفرد بالجواري، واستماع الأغاني، فكان ينظر إلى الدسائس الجارية في قصره الآيلة إلى خراب مملكته بعين المتردد المتهامل، وبمثل ذلك كان ينظر إلى تهديد جنود صقلية من جهة الغرب والصليبيين من الشرق، وكل منهما يقترب رويدا رويدا من قاعدة المملكة الفاطمية، والظافر يشعر بقرب سقوط خلافته، ولا يبدي حراكا.
Page inconnue