وفيها سار قتيبة إلى مرو الروذ، فبلغ الخبر إلى مرزبانها؛ فهرب إلى الفرس، فقدم فتيبة فأخذ ابنين له ، فقتلهما وصلبهما، ومضى إلى الفارياب ، فخرج إليه ملك الفارياب مذعنا مطيعا؛ فرضى عنه، واستعمل عليها رجلا من باهلة، وبلغ الخبر صاحب لجوزجان؛ فترك ارضه وخرج إلى الجبال هاربا، وسار قتيبة إلى الجوزجان فلقيه أهلها مطيعين، فقبل منهم، واستعمل عليها عامر بن مالك، وما زال ينصب المنجنيق على بلدة ويحرق بلدة ويبالغ فى الجهاد، حتى قتل فى مكان واحد اثنى عشر ألفا.
~~وفى هذه السنة ولى الوليد خالد بن عبد القسرى مكة ، فلم يزل واليا إلى أن مات وليد(1) وحج بالناس هذه السنة الوليد بن عبد الملك، فلما دخل المدينة غدا إلى المسجد ينظر إلى بنائه، وأخرج الناس منه ، ولم يبق غير سعيد بن المسيب؛ لم يجرا أحد من الحرس ان يخرجه، فقيل له : لو قمت! قال : لا أقوم حتى يأتى الوقت الذى كنت أقوم فيه ، لقيل : لو سلمت على أمير المؤمنين! قال : لا والله لا أقوم إليه، قال عمر بن عبد العزيز : فجعلت أعدل بالوليد في ناحية المسجد؛ لئلا يراه، فالتفت الوليد إلى القبلة فقال : من ذلك الشيخ؟ أهو سعيد؟ قال عمر: نعم، ومن حاله كذا وكذا، فلو علم بمكانك لقام فسلم عليك وهو ضعيف البصر، قال الوليد: قد علمت حاله ونحن نأتيه، فدار في المجد حتى أتاه، فقال : كيف أنت أيها الشيخ؟ فرالله ما تحرك سعيد، بل قال: بخير والحمد لله، فكيف أمير المؤمنين وكيف حاله؟ فانصرف وهو يقول لعمر: هذا بقية الناس، وقسم بالمدينة دقيقا كثيرا وآنية من ذهب وفضة وأموالا، وصلى بالمدينة الجمعة، فخطب الخطبة الأولى جالسا، ثم قام فخطب الخطبة الثانية قائما، قال إسحاق بن يحيى: فقلت لرجاء بن حيوة وهو معه : اهكذا تصنعون؟ قال : نعم مكررا، وهكذا صنع معاوية وهلم جرا، فقلت له : هلا تكلمه! قال : أخبرنى قبيصة بن ذؤيب أنه كلم عبد الملك ولم بترك القعود، وقال : هكذا خطب عثمان، قال : فقلت: والله ما خطب الا قائما! قال رجاء: روى لهم شىء فاقتدوا به، قال إسحاق: ولم نر منهم أشد تجبرا منه118.
~~لم دخلت سنة اثنتين وتسعين وفيها غزا عمر بن الوليد ومسلمة أرض الروم ، ففتح على يد مسلمة ثلاثة حصون، ----
Page 156