Histoire générale de la franc-maçonnerie
تاريخ الماسونية العام: منذ نشأتها إلى هذا اليوم
Genres
سنة 1735
أميركا
سنة 1732
وقد اعترضها في سبيل نشر مبادئها مشاق عظيمة واضطهادات جسيمة، من فئات كثيرة كانت ترى في رفع شأن الماسونية حطة لشأنها. والماسونية مع كل ذلك لم تكن ليتحول عزمها أو تضعف قواها، فكانت تارة تصعد، وطورا تنزل، وطورا تكمن تنتهز فرصة للنهوض.
على أنها لا يسعها إلا الإقرار بما لاقته من الترحاب، في صدور العظماء من الملوك والأمراء ورجال العلم في كل مكان. (8) نظر عام في تاريخ الطور الأول من الماسونية الرمزية
إذا تأملنا بما مر بنا من الحوادث التي توالت على الماسونية بين سنة 1717 و1783، نرى أنها كانت كغيرها من الأجسام الحية في أول أمرها - أي من سنة 1717 إلى سنة 1747 - سريعة النمو في معزل من الأتعاب والمقاومات، فانتشرت واتسع نطاقها واتصلت فروعها بأنحاء العالم المعمور، فاستظل بها عظماء الأرض على اختلاف النزعات بين ملوك وشرفاء وفلاسفة وعلماء وغيرهم، وقد شدوا أزرها ورفعوا شأنها وأحلوها مكانا عليا. أما هي فلم تبخسهم حقهم من الاجتزاء بمنافعها، وقد خدمتهم كما خدموها. وقد كان عليها للتأمين على مستقبل حياتها أن تقرر عدم قبول شرائعها ونظاماتها التغيير، ووجوب الوحدة في الأمور الجوهرية، والمحافظة على القانون الأساسي مع الإباحة لأعضائها الحرية بما خلا ذلك.
فقد أخطأ المحفل الأعظم الإنكليزي من الجهة الواحدة بإهماله وتغافله عن مثل هذه الأمور، وقد ساء التصرف في أمور كثيرة آلت إلى تأخره؛ فمحفل أيرلاندا الأعظم ومحفل سكوتلاندا الأعظم أنشئا بالاستقلال عن محفل إنكلترا الأعظم، بل وبدون علائق حبية بينها، ولم يكن ذلك مناسبا لنموهما ولا لحفظ حياة الجسم الماسوني عموما، فلم تمض مدة يسيرة حتى آل الأمر إلى انقسامات وانشقاقات حلت في عموم العشيرة، وأقام المنشقون محفلا أعظم ثانيا في لندرا، فكان ذلك نماء مرضيا في جسمها.
ثم جاءت الضربات عليها من فرنسا بما كان من أمر الدرجات العليا، وما دعت إليه الحال من اختلاف الأغراض، وما استعمل في التوصل إليها من سبل النفاق والأكاذيب، وما لفق عليها من الأقوال التي ما أنزل الله بها من سلطان، فقالوا باتحاد الماسونية مع جماعة الهيكليين، وأنها وجدت في أيام الحروب الصليبية، وأدخلوا إليها رموزا وتعاليم مستحدثة انتشرت ونمت في جرمانيا وسائر أوروبا وأميركا مشوهة لوجه الماسونية الحقة. فكم من محافل عظمى وغير عظمى نشأت، وكم من مثلها سقطت، وكم من مذاهب مستحدثة انتشرت وقديمة هدمت، وكم من معاهدات أقيمت ونقضت. وقد قبلت في أحضانها كثيرين ممن هم ليسوا أهلا لها، فأفسدوا فيها واستحدثوا في مبادئها أحيانا ما آل إلى المتاعب والقلاقل، وتعريضها إلى الطعن والثلب.
ولكنها أيضا لم تنفك عن نصرة الفضيلة والعلم والقيام بالبر والإحسان وتهذيب الأخلاق. وبالإجمال إنها كانت دعامة الهيئة الاجتماعية وعنوان الكمال، تحمل الفضيلة من بلد إلى بلد، ومن أمة إلى أمة، وكانت تفعل كل ذلك بقدم ثابتة وعزم شديد، غير مبالية بما كان يتهددها من الاضطهاد.
ولا نغفل عما كان للدرجات العليا من التأثير في هيئتها في إنكلترا، لكنها لم تتمكن هناك ما تمكنته في جرمانيا وفرنسا، وإذا نظرنا نظرا عاما إلى حالتها في الأماكن التي احتلتها، نراها كانت تختلف باختلاف الأمة التي هي بين ظهرانيها، فلم يكن ذلك تقصيرا منها أو فسادا في مبادئها، إنما هو من مقتضيات الظروف.
Page inconnue