Histoire du théâtre dans le monde arabe : le XIXe siècle
تاريخ المسرح في العالم العربي: القرن التاسع عشر
Genres
89
وبناء على ذلك نقول: هل بعد إلغاء ديوان المدارس وإلغاء مدارس عديدة أهمها مدرسة المهندسخانة في نفس العام الذي عاد صنوع فيه من إيطاليا، يصر صنوع ونقاده بأنه كان مدرسا بالمهندسخانة في هذا العهد؟!
وإذا كانت شكوكنا أحاطت المجال الأول لعمل صنوع كمدرس، ومجاله الثاني كمسرحي، فإن الشك أيضا يحيط بمجاله الثالث في حياته العملية، وهو رئاسة وتكوين الجمعيات العلمية الأدبية. وعن هذا الجانب يقول د. إبراهيم عبده، من خلال مذكرات صنوع: بعد إغلاق مسرح صنوع «اتجه إلى نشاط ثقافي وطني يلائم ذوقه وحسه، فأسس جمعيتين علميتين أدبيتين، سميت الأولى «محفل التقدم» وسميت الثانية «محفل محبي العلم» وانتخب لهما رئيسا ... وكانت الصحف المحلية تحتفل بنشر أخبار الجمعيتين مفصلة ... ويحدثنا أبو نظارة عن المتاعب التي صادفته في هاتين الجمعيتين ودور الإنجليز في القضاء عليهما فيقول: «وكان تاريخ فرنسا وآدابها من الموضوعات الرئيسية لمحاضراتي؛ مما ضايق الإنجليز الذين كانوا يريدون أن أدعوا لنفوذهم وأشجعه بين أبناء وطني. وقد انتقموا مني ... ونجحوا بوسائلهم الوضيعة وبدسائسهم الرخيصة في أن يلقوا في روع الخديو إسماعيل أن هاتين الجمعيتين إنما هما مركزان للثورة، فما كان منه إلا أن منع التلاميذ والطلبة والعلماء من حضور اجتماعاتنا، واضطرت إلى إغلاق أبوابهما» وهكذا كبت إسماعيل المتنفس الثاني لابن صنوع في سنة 1874.»
90
وإذا نظرنا إلى هذه المعلومات، سنجد يعقوب صنوع قد نشرها في أكثر من موضع في صحفه بباريس باختلاف طفيف، قائلا في عام 1879: «وعملت لي جمعيتين علم للشبان؛ الأولى دعيتها محفل المتقدمين. والثانية جمعية الخلان. وكانوا يحضروا جمعية الخلان ناس عظام ومشايخ الأزهر الكرام ونور العلم الأستاذ الفاضل والفيلسوف الكامل السيد جمال الدين الأفغاني فصيح اللسان وظريف المعاني. وكان هو وهم يتلوا علينا مقالات عظام، درجت أغلبهم في صحيفتها الأهرام. فلما وصل الخبر إلى فرعون [يقصد الخديو إسماعيل] زعق ودبدب كالمجنون وحرج من تحت لتحت على المشايخ والمستخدمين بأنهم لا يجتمعوا ليلا في محافل وإلا يصيروا مرفوتين. فطبعا انقفلت الجمعية الداعية للتمدن والحرية.»
91
وفي عام 1887 قال: «كونت جمعيتين علمي للشبان. ودعوتهما محفلي التقدم وجمعية محبي العلم والأوطان. وكان يحضر جلساتنا ناس عظام من تلامذة المدارس ومشايخ الأزهر الكرام. وكذلك السيد جمال الدين والشيخ محمد عبده وأمثالهم من فلاسفة العرب المشهورين وأذكى شبان طايفة الشوام الفخام وطائفة الإسرائيليين.»
92
حديث صنوع عن جمعيتيه في مذكراته المنشورة في صحفه بباريس.
ونستخلص من هذه المذكرات أمرين، أولهما تكوين صنوع لجمعيتين أدبيتين، نشرت جريدة الأهرام أخبارهما وخطبهما. والأمر الآخر أن أهم شخصيتين في هاتين الجمعيتين هما الشيخ محمد عبده والأفغاني. وعن الأمر الأول نقول: لا وجود لهاتين الجمعيتين في تاريخ مصر في تلك الفترة، أو بعدها. والدليل على ذلك أن جريدة الأهرام لم تنشر خبرا واحدا عن هاتين الجمعيتين - كما زعم صنوع - وإذا كانت ذكرت إشارة واحدة، لكان د. إبراهيم عبده ذكرها في كتابه، خصوصا وأنه اطلع على جميع أعداد جريدة الأهرام منذ صدورها، وكتب عنها كتابا ضخما بعنوان «جريدة الأهرام تاريخ مصر في 50 عاما». ولكان فعل نفس الشيء د. محمد يوسف نجم، عندما تحدث عن صنوع في كتابه «المسرحية في الأدب العربي الحديث»؛ لأن اعتماده الأول في مراجع هذا الكتاب كان على جريدة الأهرام منذ صدورها.
Page inconnue