ذكر ما دبره معين الدين البرواناة في إخراج أجاي من بلاد الروم
لما اطلع أجاي على ما كاتب به البرواناة وتقونوين في أمره إلى أبغا ، بعت إلى أبغا يعلمه أن تقونوين والبرواناة اتفقا على أكل مال الروم ، وأنهما يشيان بي إليك حتى خرجاني عنها ويستبدان بها . فكتب إليه : "من هو البرواناة حتى يسمع كلامه فيك ، أمره إليك إن شئت أن تقتله وإن شئت أن تبقيه" . وكان البرواناة لما بلغه أن أجاي بعث رسولا في أمره جعل له عينا عليه عند عوده بالجواب ، فلما قدم الرسول أخذ إلى دارالبرواناة وأنزل واكرم وحمل إليه الخمر وأعطى بعض غلمانه دراهم ، وأمره آنه إذا سكر يسرق الكتاب الذي معه ويحمله إليه ليقف عليه ويعيده إليه ، ففعل ذلك . فلما وقف على الكتاب وفهم مضمونه سارع في تجهيز هدية سنية وبعث بها إلى أجاي ولاطفه باعذار قبلها منه ، وصرف وجه غيظه عنه . ثم ان البرواناة آخذ خطوط وجوه اهلالروم من القضاة والفقهاء والأعيان بأن أجاي كان قد عزم على قتله وقتل تقونوين وتسليمالبلاد لصاحب مصر ، فعاد الجواب باستدعاء اجاي وتقونوين والبرواناة ومرحسيا القسيس والأمير سيف الدين طرنطاي البكلربكي ، فخاف البرواناة من استصحابالأمير سيف الدين فأقطعه أرزنجان وولاه كفالة السلطان غياث الدين ، ثم خرج فيمن بقي واستصحب معه كل من كان أجاي ظلمه وعسفه ليستصرخون عليه عند أبغا ، فوصلوا إليه في شهر ربيع الأول . فلما مثلوا بين يديه وسمع شكوى المتظلمين أمر أجاي أن يقيم عنده وقتل من أصحابه سبعة أنفس ، وأنهى مرحسيا إلى أبغا أن البرواناة أقطع الأمير سيف الدين طرنطاي أرزنجان حتى لا أسكنها ، وأني إن اقتطعتها حملت في كل سنة خمس ماية فرس عليها خمس ماية فارس نجدة ، فقال له تقونوين : "أنت تلبس ا/ البرنس ولا يليق الإقطاع إلا لمن يلبس السراقوج ، فإن كنت ترغب في الإقطاع فاخلع البرنس" . وقال البرواناة : "هذا يضيع من أموال الروم في كل سنة شيئا كثيرا لأنه يحمي من الفلاحين خلقا يلبسهم البرانس فلا يؤدون الخراج ولا الجزية . فأمر أبغا أن لا يحتمي أحد من ساير البلاد لمرحسيا إلا في آرزنجان لا غير لأنها كانت سكنه ، ثم عادوا إلى الروم في شهر ربيع الآخر .
Page 123