- الباب الثاني- في ذكر محبته للفقهاء والفقراء وتواضعه
لما علم تغمده الله برحمته - أن محبة الفقراء عروة لا يخشى انفصامها ، وركن جعل إليه ملاذ النفوس واعتصامها ، وأن أفضل ما يتقرب به المتقرب إلى الله العظيم تعظيم أوليائه ، وتوفير حظهم من الإكرام الذي أوجبه على ألسنة أنبيائه ، ثابر علىالوفود عليهم والتردد إليهم والقيام بحقوقهم والاهتداء بلوامع بروقهم ، حيث كانوا أقطار الأمصار أحياء كانوا أو أمواتا ينتظرون الإنشار ، وصحب جماعة متأدبا بادابهم متعلقا بأسبابهم . ينكس رأس العز لديهم بالخضوع ، ويقود إليهم نفسه بزمام الخشوع :
متواضعا سن التواضع للفتى
مع رتبة يفحط عنها الكوكب
لم يزل منذ فارق ديار مصر وحل بالشام هجيراه التردد إلى المشايخ والفقراء والتودد إليهم ثقة منه بأن جارهم لا يضام ، وأن حرم حمايتهم لا يرام ، فاجتمع في بالشيخ يوسف الخزاعي ، والشيخ علي المجنون التركماني ، والشيخ إبراهيم الأرمني بالجبل ، والشيخ عبد الصمد بدمشق ، والشيخ يوسف الفقاعي بنابلس . ولما ملك مصر كان كثير الإحسان إلى مشايخ القرافتين والبر بهم ، وقصد الشيخ مرزوق بالبرلس ، والشيخ القباري بالإسكندرية حيا وميتا ، والشيخ أبا عبد الله الشاطبي بها أيضا ، وزار قبر الشيخ أبي العباس الراس ، وبنى ضريحه واعتنى به .
Page 271