وكانوا ينحرون عند صنم لهم يقال له الغبغب وكانت لهم أقداح في الكعبة إذا اختصموا في شيء أو اعتزموا أمرا استقسموا بها فإذا خرج القدح مكتوبا بأمر أو نهى عملوا به كما يفعل أصحاب «الخيرة أو القرعة» اليوم (1).
وقسم المؤرخون ديانة العرب الجاهلية الى قسمين حلة وحمس والحمس هم أصحاب التشدد فيما يتدينون وربما دلت اللفظة على معنى التحمس كما يبدو من اشتقاقها والحمس قبائل من أشهرها كنانة وخزاعة والأوس والخزرج وغيرهم وكانت قريش من أبلغ من تشدد في ديانة الحمس وقد بلغ من تشددهم أن الرجل إذا أحرم بالحج أو العمرة لا يدخل دارا أو فسطاطا أو حائطا «بستانا» وقد تعرض له الحاجة فلا يدخل بيته بل ينقب نقبا في ظهره وينادي بأهله ليخرجوا له ما أراد وكانوا يحرمون بعد الاحرام على أنفسهم السمن واللبن والزبد ولبس الوبر والشعر والاستظلال به وغزله ونسجه (2).
وكانوا إذا وقف الحاج من العرب في عرفات يأبون أن يخرجوا إليها من حرمهم فيكتفون بالوقوف عند نمرة تقديسا لحرمهم ، ويقولون نحن الحمس أهل الحرم فلا ينبغي لنا أن نخرج الى عرفات فنعظم بذلك غير الحرم.
وكانوا يفرضون على مخالفيهم من أهل الحلة أن لا يطوفوا إلا إذا لبسوا ثوبا أحمسيا يشترونه منهم أو يستأجرونه أو يستعيرونه فإذا لم يجدوا تعين عليهم أن يطوفوا عرايا نهارا للرجال وليلا للنساء بعد أن يتركوا ثيابهم خارج المسجد
Page 48