86...
ذكر قتل بنى قريظة بالمدينة الشريفة
قال ابن اسحاق: ولما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق رجع الى المدينة والمسلمون ووضعوا السلاح، فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم متعجرا بعمامة من استبرق على بغلة عليها قطيفة من ديباج، فقال: أقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((نعم)) فقال: ما وضعت الملائكة بعد السلاح، وما رجعت الآن الا من طلب القوم.
ان الله تعالى يأمرك بالسير الى بنى قريظة فانى عامد اليهم فمزلزل بهم، فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس: ((من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر الا في بنى قريظة)) فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم (ق77) خمسا وعشرين ليلة، وقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواثب الأوس وقالوا: يا رسول الله انهم موالينا دون الخزرج فهم لنا، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا ترضون يا معشر الأوس أن نحكم فيكم رجلا منكم)) فقالوا: بلى، قال صلى الله عليه وسلم: ((فذلك الى سعد بن معاذ)) وكان سعد في خيمته يداوى جرحه، وكان حارثة بن كلدة هو الذى يداويه، وكان طبيب العرب وهو مولى أبى بكرة مسروح فأتت الأوس بسعد بن معاذ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ((احكم في بنى قريظة)).
فقال: انى أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذرارى.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى من فوق سبعة أرقعة)) (أى من فوق سبع سموات) وكان الذين نزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم أربعمائة واستنزلوا بنى قريظة من حصونهم فجلسوا بالمدينة في دار امرأة من بنى النجار، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى سوق المدينة فخندق بها خنادق (ق78) ثم بعث اليهم فجئ بهم فضرب أعناقهم في تلك الخنادق، وكانوا سبعمائة وفيهم حيى بن أخطب الذى حرضهم على نقض العهد فقتل منهم صلى الله عليه وسلم كل من أنبت واستحيى من لم ينبت، وقتل منهم امرأة كانت طرحت رحا على...
Page 86