Histoire de la folie: de l'antiquité à nos jours
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Genres
تكمن أهمية هذه الترجمة في أنها مزودة بهوامش عديدة لإسكيرول وآرشامبو. وقد انتهى إيليس أيضا إلى أن الاستلاب العقلي مرجعه آفة تسبب التهابا في المخ. وهكذا جلب عليه هذا التأييد الحاسم للنظرية العضوية عداء مترجمه.
في عام 1820، نشر إيتيان جورجيه (1795-1828) - وهو تلميذ قديم لإسكيرول - مؤلفا صنع شهرته بعنوان «الجنون: تأملات في هذا المرض، ومقره، وأعراضه ...» حيث سعى أيضا إلى «تحديد مقر» الجنون. اقترح جورجيه - محاولا تجاوز الخلاف بين علماء التشريح (أنصار نظرية الأصل العضوي للمرض)، والوظيفيين (أنصار نظرية الأصل النفسي للمرض) - فصل الجنون إلى حقلين مختلفين: فمن جهة، هناك الاضطرابات العقلية المصحوبة بأعراض، والناشئة عن سبب عضوي معروف، والتي تعد نتيجة «غير مباشرة وودية»؛ ومن جهة أخرى، هناك «اعتلال مجهول السبب يصيب الدماغ»، وهو ذو طبيعة غير معروفة ولكنها «مباشرة وجوهرية» [بمعنى أنها ليست عرضا لعلة أخرى].
على أي حال، كما أوضح جوشيه وسواين، لا يمكن «القول إن أطباء الأمراض العقلية الأوائل توصلوا إلى تعريف «نفسي» بحت للاضطراب العقلي، بالمعنى الذي نفهمه اليوم.»
5
ولم يبين إسكيرول، مثله مثل بينيل، «الخصوصية المطلقة للحدث الباثولوجي النفسي.»
6
ومن ثم، سيكون بوسعنا الحديث عن «الطب النفسي المعنوي».
بيد أن إسكيرول ذهب إلى أبعد مما ذهب إليه بينيل. «إننا لم نسع يوما لمعرفة الوضع المعنوي والفكري للمريض عقليا: لقد افترضنا أنه؛ بما أن قواه العقلية متضررة، فليس بإمكانها أبدا العمل بحرية. أفلا يوجد، في أشد الآلام قسوة، فترات هدوء، بل ومتعة؟ [...] إذا كانت الإصابات الجسدية تتخللها أوقات راحة، فلم لا تتخلل الإصابات المعنوية فترات خمود؟»
هذا هو ما يعيدنا إلى العلاج المعنوي، الذي يفتح لنا بالتأكيد بوابة سحرية تقودنا نحو طب نفسي في طور النشأة. نجد لدى إسكيرول، في سنة 1805، علاجا معنويا لا يزال ممكنا بالمعنى الهيجلي (أو إذا أردنا القول: بالمعنى البينيلي؛ نظرا لأن هيجل نسب كل شيء إلى بينيل)؛ لأن المريض عقليا يعقل الأمور بطريقة ما (يمكن أن يتصرف بعقلانية)، وهنا يأتي دور الطبيب. ومع ذلك، في نوع من الجدلية الذاتية التي تنطوي على شيء من التشويه، يرد إسكيرول على نفسه قائلا: «إذا بدا لنا العلاج المعنوي عديم الفائدة ووهميا، فهذا يعني أننا لم نفهم جوهره الحقيقي. فهو لا يقتصر أبدا على مواساة وتعزية المرضى عقليا، وزيادة شجاعتهم، وقمع هياجهم وغضبهم، والتفكير بعقلانية معهم، ومكافحة انحرافات مخيلتهم. ولم ندع قط شفاءهم عن طريق التحاجج معهم؛ إذ إن مثل هذا الادعاء أثبتت التجربة اليومية عدم صحته: فهل تخضع الأهواء للمنطق العقلاني؟» إنه لتفكير رهيب، له عواقب وخيمة تتجلى في ذلك المسعى الذي ينطوي، مرة أخرى، على تلك المجازفة الخطيرة المتمثلة في الانتقال من المسلمات إلى التطبيق. إن المسيرة المهنية لإسكيرول هي التي صنعت هذه الهوة، فها هو يتحول من إسكيرول المدافع عن أطروحته حول «الأهواء» ... إلى ذلك الإسكيرول صاحب الفكر المؤسسي، الذي نشر في عام 1838 كتابا من جزأين يضم مؤلفاته السابقة بعنوان «الأمراض العقلية وما يتعلق بها من روابط طبية، وصحية، وطبية شرعية»؛ حيث لم يرد بهذا المؤلف الجامع - على نحو ذي مغزى - أي ذكر لأطروحة 1805.
المصحة: أداة للشفاء
Page inconnue