Histoire de la folie: de l'antiquité à nos jours
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Genres
وقد أرسل لافيردي كتابا إلى حكام الأقاليم في السابع من أغسطس 1764 للاستفسار عن الوضع، في كل منطقة إدارية على حدة. أجابه حاكم محافظة كاين قائلا: «يجب أن يقوم الأمير أيضا بحجز الحمقى، والمهتاجين، والمصابين بتشوهات كبيرة للغاية وجميع الذين نراهم يسقطون يوميا في نوبات الصرع؛ لأنه لا شيء يخل بالنظام إلا لقاء هؤلاء الضحايا البائسين الذين يجسدون الشقاء الإنساني.» من الواضح أن المؤسسات القائمة بالفعل لم تكن كافية في ذلك الوقت.
إن فكرة مستودع التسول ليست جديدة تماما، بالنظر إلى أن أحد الإعلانات الملكية الصادرة عام 1750 نص عبثا - دون أن يستخدم التعبير نفسه - على تجهيز مكان مماثل (وقد أنشئت بالفعل بعض المستودعات بعد الإعلان الصادر في عام 1724). ولكن هذه المرة، كانت المملكة بأكملها هي التي يتعين عليها تنفيذ ما وعدت به، تحت قيادة الحكام الذين تلقوا وعودا بإعطائهم كل الوسائل والإمكانيات التي تعينهم على تحقيق ذلك. في كل منطقة إدارية، يجب أن يشكل مستودع التسول حلقة جوهرية في سلسلة الاحتجاز: بحيث يكون بمنزلة دار احتجاز مدنية «رخيصة» («دار احتجاز جبري بمصاريف قليلة»، كما كتب قائد الشرطة في عام 1767) خاضع لإشراف الإدارة الملكية؛ مما سيكون من شأنه تخفيف العبء بشكل واضح عن بيستر وسالبيتريير، والنجاح بالإضافة إلى ذلك في حبس المتسولين الأصحاء. تستهدف هذه المستودعات في المقام الأول هؤلاء: «فلقد أضحى من الضروري وبشكل حتمي - وفقا للكتاب المرسل من فرساي - أن يخشى هؤلاء الإقامة في المستودعات؛ لأنهم يخشون أن يتعرضوا لحالة تستدعي إيداعهم بها.»
انطلقت العملية بسرعة ونشاط. فقد مر أخيرا قرن على صدور مرسوم 1656، ولكن هذه المرة، مع وجود إمكانيات القرن الثامن عشر، نحن بحق في زمن فكر «الاحتجاز الكبير». حققت «الاعتقالات» (بما رافقها من صرف مكافأة لأفراد المارشالية عن كل رأس) المعجزات. ففي الفترة ما بين 1764 و1777، ألقي القبض على 11 ألف شخص. وسط هذا الجمع الضخم، نجد بالتأكيد مختلين عقليا، إما أحيانا معترفا بحالتهم منذ «القبض» عليهم - كنا نتفادى بعناية استخدام كلمة توقيف - وإما غالبا يظهر جنونهم بعد عدة أشهر من الحبس. نلاحظ على وجه الخصوص وجود العديد من حالات الصرع، ولكن نجد في كثير من الأحيان حالات أخرى مثل ذاك الأعور، أو تلك الكتعاء التي تبين أنها «معتوهة تماما ». وفي بعض الأحيان، يضاف إلى ما سبق هذه الملحوظة الأكثر شيوعا بالنسبة للنساء: «إنها هنا بحالة أفضل عما هي عليه في أي مكان آخر»، والتي تكشف عن وجود الرحمة حيث لا نتوقع وجودها.
في أقل من عشر سنوات، غمرت مستودعات التسول المملكة، بوجود مستودعين أو ثلاثة في كل منطقة إدارية. في السنوات الأولى تم إحصاء ما لا يقل عن 88 مستودعا، ولكن سرعان ما أغلق العديد منها؛ نظرا لعدم توافر أماكن كافية، لصالح مستودعات التسول الكائنة بعاصمة المنطقة الإدارية. في الواقع، تسبب تورجو في عرقلة العملية للمرة الأولى، حين أعرب عن رأيه بأن المساعدة (في الأبرشية) يجب أن تسبق القمع الذي لا بد من أن ينحصر تطبيقه على الأفراد «الخطرين وغير القابلين للإصلاح» فقط. أما نيكر، الذي خلف تورجو في تولي وزارة المالية في عام 1777، فكان يود إنشاء مكتب للصدقة في كل أبرشية. مثلما كتب أحد قساوسة الأقاليم إلى الأسقف التابع له في عام 1775 قائلا: «يجب عدم التركيز على مضاعفة المشافي بقدر ما يجب العمل بالأحرى على ألا يحتاج المواطنون إليها أبدا.» على الرغم من التردد الذي ساور السلطة الحاكمة، ظلت المستودعات قائمة. في جميع هذه المستودعات، كان هناك قسم خاص ومنفصل للمختلين عقليا؛ نظرا لأنه، كما قيل عن مستودع رين، «لا يوجد أي مؤسسة أخرى لتخليص المجتمع من هؤلاء البؤساء». في مدينة رين ذاتها، يلخص مرسوم صادر عن الحاكم إلى قائد فيلق المارشالية الوضع جيدا على النحو التالي: «لقد علمت للتو أن المدعو ماثورين لوفلور من مدينة إنبو قد أصابته منذ بضعة أشهر حالة جنون شديدة الخطورة على عامة الشعب. وبما أن عائلته - حسبما أكدوا لي - غير قادرة على دفع تكاليف معيشته في إحدى دور الاحتجاز الجبري، أطلب إليكم أن تتكرموا بإصدار أوامر إلى فرسانكم بضرورة نقله فورا إلى مستودع التسول في رين.»
في مستودع التسول الكائن في مدينة بايون، تم في عام 1774 إحصاء 21 مختلا من بين إجمالي 97 رجلا، و11 مختلة من بين إجمالي 66 امرأة. في مستودع سواسون، كان هناك في عام 1786، 23 مجنونا و24 مجنونة من بين إجمالي المحتجزين البالغ عددهم 208. في مستودع روان، كان هناك في عام 1789، «22 مجنونا و16 معتوها» من بين إجمالي 236 شخصا. في نهاية عهد النظام القديم، وصلت نسبة المختلين عقليا في المستودعات إلى 20٪ تقريبا (في الواقع، 15٪ بالأحرى في المتوسط) مقارنة بنسبتهم في سالبيتريير التي بلغت 10٪. يفسر هذه النسبة الكبيرة التناوب السريع للمحتجزين الأصحاء، بينما يبقى - مرة أخرى - المختلون عقليا (وكذلك المعاقون وذوو العاهات) ماكثين في أماكنهم. خلافا للمشافي العامة، كانت مستودعات التسول تعد مراكز فرز؛ حيث يجرى فيها الفرز بين الأصحاء والعاجزين، وبين المتسولين المحترفين والمتسولين بغير إرادتهم الذين نحاول إرسالهم إلى الأبرشيات التابعين لها، مما يعد حلما مستحيلا بالنسبة إلى الإدارة؛ نظرا لأن ثلاثة أرباع هذه الأبرشيات عاجزة عن تنظيم المعونات. وهكذا، في نهاية عهد النظام القديم، يجدر البحث بالأحرى في مستودعات التسول، وليس في المستشفيات العامة، عن المختلين عقليا المعوزين. يزيد عددهم على ألف بالتأكيد، ربما يبلغ ألفين. معظمهم يعيشون هناك «على خبز الملك»، ولكن هناك قطاع لا يستهان به ممن تم احتجازهم بناء على طلب العائلات وفقا للإجراءات التقليدية. كانت العائلات، حين يتم التعرف عليها، تلزم بالدفع إذا كانت تمتلك المقدرة المادية. كان الحد الأدنى لتكاليف الإقامة يبلغ مائة جنيه؛ أي ما يعادل أقل من نصف القيمة التي كان يتم دفعها للمشفى العام بباريس. يبقى أن نرى كيف تنعكس مثل هذه التكلفة المنخفضة على حياة المحتجزين.
يمثل كل مستودع، كما هو متبع في ظل النظام القديم، حالة خاصة على حدة. في بزنسون، كان هناك مستودع يعمل قبل اكتماله نهائيا، منذ صدور إعلان 1724: وهو مشفى بيلفو، الذي قسم المشفى العام بالمدينة، ذلك أن المشفى العام كان يقوم بطرد المصابين بالأمراض المعدية، والميئوس من شفائهم وجميع «المجانين، ومدعي الرؤى والأشخاص المضطربين».
3
ومن ثم، أصبح مشفى بيلفو هو مستودع التسول بالمدينة بعد إعلان 1764، واستتبع ذلك زيادة عدد العاملين به بصورة جذرية، وبالمقابل زيادة عدد المختلين عقليا. وقد بنيت بعض المستودعات الأخرى من العدم، أو بأقل القليل ، على أثر الإعلان الصادر عام 1764. كما هي حال مستودع بوليو في كاين.
دير بوليو
نشأ مستودع التسول بكاين في مارس 1768 على موقع مشفى الجذام القديم، في الضواحي الغربية للمدينة. بقيت بالمكان كنيسة صغيرة متداعية، وهي كنيسة نوتردام دي بوليو. كان صحن الكنيسة يوفر جدرانا ضخمة وسقفا لغرفتين متطابقتين، إحداهما مخصصة لخمس وستين سيدة، والأخرى مخصصة لستين رجلا. أما مذبح الكنيسة، فقد ظل مخصصا لإقامة صلوات القداس التي سيتمكن المحتجزون المستقبليون من «الاستماع إليها دون مغادرة غرفهم». في الأعوام التالية، شيد مبنيان جديدان في فير وفالوني. وتضاعفت عمليات «الاعتقال» في منطقة كاين الإدارية، كما في المناطق الأخرى. في نهاية عام 1769، تردد حديث أيضا عن الإمساك بالمتسولين القاطنين في محل إقامة.
Page inconnue