Histoire de la folie: de l'antiquité à nos jours

Sara Rajai Yusuf d. 1450 AH
196

Histoire de la folie: de l'antiquité à nos jours

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

Genres

والأسباب معروفة بالطبع، فلا داعي لتكرارها. فبسبب الاستقطاعات الموجهة إلى ألمانيا، كانت فرنسا تعاني من الجوع والبرد، بصورة لا يمكن للأجيال التي لم تعش هذه الفترات القاتمة تخيلها. فأي مواطن فرنسي يكتفي بالحصة المخصصة له كان محكوما عليه بالموت، بالمعنى الحرفي للكلمة. كانت المأساة من نصيب من لا يفكر في الخطة البديلة، الاستعانة بالسوق السوداء - أو السوق الرمادية (سوق سوداء ولكن مسموح بها إذا كانت تساهم مباشرة في إبقاء أسرة على قيد الحياة) - أو من لا يتلقى طرودا من الأقاليم المسماة «عائلية» (بلغ عددها 1350000 عام 1942)، أو من لا يمتلك دراجة (حوالي مليونين في باريس عام 1943 في مقابل ثلاثة ملايين مواطن، وكانت تتم سرقة سبعة آلاف كل شهر). وبالطبع، كان المرضى في المصحات والملاجئ جزءا من هؤلاء التعساء.

34

كانت النحافة الزائدة - التي انتشرت بالفعل بين الشعب (انخفضت الأوزان بنسبة من 10٪ إلى 30٪) - قد اجتاحت هذه الأماكن، مشجعة على انتشار القاتل الأشرس لهذا العصر؛ مرض الدرن، لدرجة أنه في بعض الأحيان كنا نجد مصطلح «درن المجاعة».

35

لم تنج المصحات النفسية من هذا المصير، وكان الأطباء النفسيون أول من ثاروا ضد هذا الأمر. منذ الثامن والعشرين من أبريل 1941، ألقى الطبيب فرانتز آدم بيانا أمام الجمعية الطبية النفسية: «أعتذر أيها السادة عن النزول عن مستوى مناقشاتكم العلمية والمثيرة لكي أتطرق إلى مسائل - قد تبدو في الأوقات العادية ثانوية - تتعلق بحالات ملازمة الفراش والنظام الغذائي للمرضى لدينا. ولكننا نحيا الآن في عصر صعب بل وقاس، يتم فيه التضحية بالضعفاء [...] وتثير البيانات القادمة من مختلف الجهات قلق، بل وأقول تقزز، الزملاء الذين يرون كل يوم انخفاض حالة - بل وكميات - الغذاء المخصصة لمرضاهم؛ مما يزيد من نسبة الوفيات لديهم.» وتضاعفت صيحات التحذير هذه طوال عام 1941. كان الأمر يشبه الحالة خلال فترة نهاية الحرب العالمية الأولى في معسكرات المساجين والمشافي العامة والنفسية. ولوحظت الظاهرة نفسها في ألمانيا.

36

وفي بيان آخر بتاريخ الرابع والعشرين من نوفمبر 1941 بالجمعية الطبية النفسية (بيسيير وبريمون وتالايراش)، جاء ذكر نقص الغذاء المزمن القاتل. وازداد الأمر بالأكثر لدى الرجال، ولدى ذوي الأمراض المزمنة المحتجزين منذ فترة طويلة ولدى المسنين، بل وأيضا لدى «المحرومين من الطرود»، كل هذا في ظل الحرمان من التدفئة. كانت بوادر الأمر عبارة عن انخفاض كبير تدريجي في الوزن (من عشرة إلى خمسة وعشرين كيلوجراما). وتتسم متلازمة الأعراض بارتفاع شديد في الحرارة وبأوديما قلبية وبإسهال يتطور إلى الموت. وعلى المستوى النظري، يكون من المستحيل إعادة تغذية المريض بعد بلوغه مرحلة معينة لا رجعة فيها.

وفي عام 1941، سجل الطبيب سيزاريت - كبير الأطباء بمشفى روش جاندون (مايين) - أيضا وجود 10٪ من حالات الوفاة لدى النساء و20٪ لدى الرجال، في حين أنها كانت تدور قبلا حول حاجز ال 6٪. «وأسباب هذه الزيادة ليست كثيرة ولا غامضة. فلم يكن هناك أي وباء؛ بل كان السبب الوحيد لتلك الزيادة هو نقص التغذية [...] ومثل تلك المشكلة لا يمكن حلها، خاصة إذا كانت تتعلق بجميع المشافي التي لا تستطيع أن تحصل على أكثر من الحصص الرسمية المقننة لكل فرد؛ ولذلك، حكم على مرضانا بالموت جوعا.» وفي عام 1941 أيضا، عبر الطبيب كالميت - مدير مشفى إقليم فيينا العليا - عن أسفه لتضاعف نسبة الوفيات، على الرغم من الجهود المبذولة لزيادة عائدات المزرعة والحقول الملحقة بالمشفى. والأمثلة كثيرة؛

37

ففي مؤتمر أطباء الأمراض العقلية الذي عقد بمونبلييه في أكتوبر 1942، ندد كل من الطبيب كارون ودوميزون وليكولييه «بالتضحية المفزعة بالمرضى التي تتم منذ يونيو 1940.»

Page inconnue