Histoire de la folie: de l'antiquité à nos jours

Sara Rajai Yusuf d. 1450 AH
138

Histoire de la folie: de l'antiquité à nos jours

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

Genres

بعد ما يقرب من قرن - في العقود الأولى للقرن العشرين - يرفض الأطباء ومعهم كل الحق مثل هذه الممارسات القديمة والوحشية. إلا أنه - كما رأينا على مستوى الطرق العلاجية - ظلت الوسائل المبالغ فيها تتوالى، حتى وإن لم تتشابه. في سبيل تعويض منع الحبس في زنزانة - الذي يعود بنا إلى عهد النظام القديم وطرقه الرديئة - استبدل بالعزل ملازمة الفراش الإجبارية. في عام 1860، اقترح لودفيج ماير من هامبورج معالجة المرضى الذهانيين ذوي الحالات الحادة بطريقة «العلاج في الفراش». انتشرت تلك الطريقة في ألمانيا كلها، قبل أن تجد طريقها إلى فرنسا على يد مانيان في عام 1897. خلال ثلاثة أعوام، اكتسحت هذه الطريقة وسادت في مجال الطب العقلي الفرنسي. «فالوضع في الفراش يجعل من منطقة الزنازين قاعة عادية للمرضى. ومن ثم يزيد من كرامة المريض، ويجعله مثل مريض القلب أو الدرن.»

56

ويعرف عن العلاج بملازمة الفراش المستمر أو العلاج السريري تزويده للمخ بالراحة اللازمة في بعض حالات الذهان الحاد، إلى جانب كونه وسيلة للملاحظة. وفي النهاية ، فهو أيضا طريقة «للعزل الجماعي» فهو في النهاية إلزام إجباري بالفراش. في عام 1901، تحدث طبيب أمراض عقلية عن نتائج هذا النظام غير الناجحة مطلقا إلا في إخلاء الساحات من المريضات المصابات بالهياج ومن صراخهن عن طريق حبسهن في الفراش. ولكن على الأقل، فإنه قلل من تعرضهن للتقلبات المزاجية. وعن ملازمة الفراش الإجبارية، قال مارك ستيفان - أحد المرضى القدامى لمانيان - إنه «الخمول والوهن الدائم.»

يزداد تعقد هذا الأسلوب العلاجي في حالة هياج المريض لدرجة تجعل هناك اضطرارا إلى تقييده في الفراش. وتعطينا هاتان الشهادتان عن الفراش الإجباري في مصحة سانت آن - حيث أسس مانيان هذا النظام - صورة بعيدة تماما عن فكرة الهدوء والراحة. نحن الآن في قسم التمريض الخاص: «دخلت في وسط ضجة عارمة تشبه غابة يملؤها الصراخ [...] وحولي من الجانبين صفان من الأسرة، كانت الإضاءة حزينة جعلت كل شيء خامدا. لا توجد حركة، بالكاد رعشة. وكان العويل يجثم حرفيا على هذه السلسلة من الوجوه الملتصقة بالفراش، لم يكن هناك مظهر للحياة عليها إلا الأفواه السوداء التي تبدو وسط الظلال كجروح مفتوحة يتفجر منها غضب عارم. وبمشاهدتي لهذه الوجوه عن كثب أدركت في النهاية سبب ثورتهم العاجزة. كان بعضهم مقيدا بسترة المجانين بقوة لدرجة جعلت أقل حركة مستحيلة تماما، فلم يعد باستطاعتهم إلا الصراخ في نوع من الجنون [...] كانوا جميعا من حولي مقيدين بالسترات يدا ناحية اليمين والأخرى لليسار، والساقان كذلك. وتربطهم بالفراش قطع من القماش السميك. بل وكان بعضهم مقيد العنق برباط يمنعه من النهوض [...] في الساعة الرابعة صباحا، يكون موعد التغيير، فرأيت الممرضين الثلاثة الذين استقبلوني يبدءون في تغيير ملاءات الأسرة. كانت معظم الملاءات ملطخة. وفي نوع من الجمود التام، كان الحراس يغيرون الملاءة ويعيدون المرضى ثانية إلى الفراش. بعد قيامهم بفك المرضى المقيدين، كانوا يربطونهم من جديد إلى فراش آخر قبل المضي لتغيير ملاءته؛ ولذلك كانوا يمرون من وقت لآخر يسألون: ألوثت نفسك؟»

57

في عام 1932، ذهب بول ليوتو لزيارة صديق له محتجز بمصحة سانت آن، ولكن في منطقة المرضى المسالمين: «من كل جانب، كان هناك ستة أو سبعة أسرة، ولكن لا يوجد أي كرسي على الإطلاق. وفي أحد الأسرة، صبي جميل، ذو وجه مليح وعينين جميلتين، وبنية قوية، كان يقضي وقته في الصراخ أو في تلاوة القداس أو بعض الأناشيد، ويوجه ابتسامات لمن حوله؛ تارة من على اليمين، وتارة من على اليسار وتارة تهديدات، وفي أحيان أخرى تصيبه حالة من الهياج تجعله يضرب بكفيه على صدره: «أنا ابن الله! اللعنة عليكم جميعا!» ثم يستكمل التراتيل اللاتينية. لم يتوقف المريض البائس عن ممارسة جنونه على الفراش. وكانت تجلس على طرف فراشه امرأة شابة - والدته كما علمت لاحقا - وكلما اقتربت منه كان يصرخ: «أنت مرة أخرى أيتها العاهرة القذرة، أما زلت تمارسين عملك في الشوارع! لا تقتربي مني وإلا حطمت وجهك!» ثم يستأنف أناشيده وتراتيله [...] وعلى فراش آخر، كان هناك رجل هرم قصير، له وجه ينم عن الذكاء ووجه ورأس حليق يشبه البيضة. كان يرفع ملاءته، كل ربع ساعة، ويبصق على فراشه، ثم ينزل الملاءة ثانية ويربت عليها كمن يمسح بصقته وهو يراقب المرضى بنوع من المكر والسعادة. كان أمرا منفرا! ولوحظ أيضا على هذا المريض، أنه عند اقتراب الممرض من فراشه، كان يفزع فيرفع ذراعه ليحتمي كطفل يستعد لتلقي ضربة قوية. ويدعو هذا الأمر للتفكير فيما يدور داخل هذا المكان عندما لا يكون هناك زائرون. بينما يختفي مرضى آخرون بين ثنايا ملاءاتهم من الرأس إلى القدم فلا يظهر منهم شيء.»

58 «كلما ازدادت مهارتهم؛ ازداد خوفي منهم!»

هل هذا يعني أنه لا يوجد علاج داخل المصحة، أو بالأحرى لا توجد مصحة؟ كلا! فالعلاج بالمياه كما رأينا يتقدم الساحة دائما، فهناك حمامات والمزيد من الحمامات ... «فالحمامات بالنسبة إلى المريض بالجنون تعد وسيلة ناجحة للشفاء: وينبغي أن تمتلك المصحة كافة أشكال الحمامات، وبوفرة ...»

59

وفي مستهل عصر الجمهورية الثالثة، كان يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع كبيرة من العلاج بالمياه: المحول، المهيج أو على العكس المسكن؛ أي إنه كان قادرا على علاج مختلف أنواع الجنون. في حالات الجنون المحتقن، توجه دفعات المياه المحولة القوية على المغطس، ومن المعروف أن الأطراف السفلى لها القدرة على إراحة المخ. في حالات الجنون الاكتئابي، تستخدم الحمامات المنشطة القصيرة. «أما في حالات الانقباضات والجنون الموسع، يكون العلاج بحمامات باردة أو بلف المريض داخل ملاءات مبللة. ويكون كل شيء محددا ومعروفا: درجة حرارة المياه وتواتر الاستحمام، زمن الاستحمام الذي قد يمتد لساعات، وحينها كانت الوجبات - نظرا لاستحالة تغيير موعدها - تقدم للمريض وهو في المغطس (والأمر كذلك بالنسبة إلى قضاء الحاجة). ومن جانبه، كان كازيمير بينيل (ابن شقيق بينيل الكبير) يمتد بمدة الحمام في بعض الحالات حتى أربع وعشرين ساعة، إلا أن المدة المتوسطة تقدر بثلاث ساعات إلى أربع ساعات. وتوجد أيضا الحمامات المصحوبة بالأدوية: القلويات والملحيات والكبريتيات والمخردلات ... بالإضافة إلى حمامات البخار وحمامات التعقيم.

Page inconnue