Histoire économique mondiale : une très brève introduction
التاريخ الاقتصادي العالمي: مقدمة قصيرة جدا
Genres
سارت كوريا الجنوبية وتايوان في أعقاب اليابان مباشرة في اللحاق بركب الغرب، فكلاهما كانت مستعمرة يابانية، وهو ما جعل بداية نموهما مسألة ملتبسة. وضعت أنظمة تعليمية حديثة، لكنها كانت أنظمة تركز على تعليم اليابانية بدلا من الكورية أو التايوانية، وكان الهدف من تنمية البنية التحتية والتنمية الزراعية تحويل المستعمرتين إلى مصدر للغذاء لليابان. بلغ مستوى الدخل لكل فرد في عام 1940 إلى 1548 دولارا أمريكيا. في أعقاب الحرب العالمية الثانية، طرد اليابانيون وصودرت ممتلكاتهم وأعيد توزيع ممتلكاتهم من الأراضي بين سكان المناطق الريفية، وهو ما أسفر عن نشوء مجتمعات متساوية من الفلاحين. ابتداء من خمسينيات القرن العشرين، شرعت الدولتان في التصنيع بنشاط بالغ، وقد تبعت كوريا الجنوبية تحديدا نموذج الدفعة القوية الياباني عن كثب، فاستوردت الشركات الكورية التكنولوجيا المتطورة واستوعبتها، حيث جرى استبعاد الشركات الأجنبية من العمل في البلاد. خططت الدولة عمليات الاستثمار وحدت من الواردات لحماية الصناعات الكورية التي دعمتها، وكما كان الحال في اليابان، شجعت الشركات على الإنتاج بجودة وأداء عاليين من خلال إلزام الشركات بتصدير قسط كبير من إنتاجها. أقامت كوريا الصناعات الثقيلة؛ مثل صناعة الصلب، وبناء السفن، والسيارات التي كانت من بين عوامل النجاح اليابانية، والتي بعد عقد أو اثنين أصبحت من عوامل نجاح كوريا أيضا.
يعتبر صعود كوريا الجنوبية وتايوان مبهرا، لكنه لن يمثل شيئا ذا بال مقارنة بالصين إذا واصلت الأخيرة عمليات التصنيع بالسرعة نفسها التي تسير بها في العقود الأخيرة. عندما استولى الشيوعيون على السلطة في عام 1949، كان إجمالي الناتج المحلي لكل فرد في الحضيض (448 دولارا أمريكيا). بحلول عام 2006، بلغ الدخل في الصين 6048 دولارات أمريكية لكل فرد، وهو ما يضع الصين في مصاف الدول متوسطة الدخل، وقد كان أداء الصين في هذا الصدد أفضل كثيرا من معظم دول آسيا أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية (الجدول
1-1 ).
كيف فعلت الصين ذلك؟ تتمثل الإجابة المعتادة في «إصلاحات السوق الحرة»، لكن هذه إجابة غير مكتملة. ينقسم التاريخ الاقتصادي للصين منذ عام 1949 إلى فترتين: فترة التخطيط (1950-1978)، وفترة الإصلاح (من 1978 إلى الوقت الحاضر). في الفترة الأولى، تبنت الصين النظام الشيوعي بما يتسم به من زراعة جماعية وصناعات مملوكة للدولة، فضلا عن التخطيط المركزي على غرار النموذج السوفييتي. مالت الاستراتيجية التنموية في الصين إلى تفضيل التوسع في الصناعات الثقيلة لإنتاج ماكينات، وبني المجتمع الصناعي الحضري. ارتفع معدل الاستثمار ليصل إلى حوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي، كما زاد الإنتاج الصناعي سريعا. جمعت السياسة التكنولوجية - التي صارت تعرف باسم «السير على قدمين» - بين التكنولوجيا المتطورة الكثيفة رأس المال، والتصنيع الكثيف العمالة متى كان ذلك ممكنا، وقفز إنتاج الصلب - الذي يعد أحد أهداف الدول التي تطبق تصنيع الدفعة القوية - من حوالي مليون طن سنويا في عام 1950، إلى 32 مليون طن في عام 1978. ورغم وجود تحولات في السياسة الصناعية، بما في ذلك القفزة الكبرى إلى الأمام (1958-1960)، والمجاعة التي تلتها، والثورة الثقافية (1967-1969)؛ ارتفع الدخل لكل فرد بأكثر من الضعف من 448 دولارا أمريكيا في عام 1950 إلى 978 دولارا أمريكيا في عام 1978 (2,8٪ سنويا). لم يكن هذا إنجازا هينا، لكنه لم يميز الصين عن باقي الدول الفقيرة.
في أعقاب وفاة ماو في عام 1976، بدأ دينج شياو بينج في تطبيق «إصلاحات» في عام 1978، فجرى التخلص من التخطيط المركزي وحل اقتصاد السوق محله. وعلى خلاف سياسة «العلاج بالصدمة» في دول أوروبا الشرقية، أجرت الصين إصلاحات من خلال إصلاح وإحلال مؤسساتها تدريجيا. ومنذ عام 1978، ارتفعت معدلات النمو أيضا.
جرت الإصلاحات الأولى في قطاع الزراعة، وهي إصلاحات تبين مدى تعقيد المشكلات فيها. كان هناك عمليتا إصلاح تتمتعان بأهمية خاصة؛ أولا: في عامي 1979 و1981 زادت وكالات التوريد الحكومية من أسعار شراء المحاصيل بمقدار 40-50٪ بالنسبة للإنتاج الذي يتجاوز الكميات الإجبارية المحددة في الخطة. ثانيا: حل نظام المسئولية العائلية محل نظام الزراعة الجماعية، ووفق هذا النظام الجديد كانت الأراضي الجماعية تقسم إلى مزارع صغيرة، يجري تأجيرها إلى العائلات التي تلتزم بتقديم حصتها من كمية المحصول المطلوبة وفق خطة المنطقة المحلية، فيما كان يحق لها الاحتفاظ بالدخل المتولد عن بيع المحاصيل التي تتخطى كمية التوريد الإجبارية بالأسعار المرتفعة.
ارتفعت إنتاجية المزارع مع وضع هذه السياسات قيد التنفيذ، وهذا هو السبب الرئيسي في أهميتها. بين عامي 1970 و1978 ارتفعت نسبة الزراعة من إجمالي الناتج المحلي بمعدل 4,9٪ سنويا، وهي نسبة تزيد على نسبة 3,9٪ التي تحققت بين عامي 1985 و2000. وما بين عامي 1978 و1984، قفز الإنتاج الزراعي بمعدل 8,8٪ سنويا. زاد إنتاج الحبوب أيضا في الفترة بين عامي 1978-1984 أسرع من النمو الذي حققه قبل أو بعد هذه الفترة. ونظرا لأن زيادة الأسعار وتطبيق نظام المسئولية العائلية أدى إلى زيادة الحوافز المالية للفلاحين لزيادة الإنتاج، فإن النتيجة المعتادة هي أن التغيرات في السياسات أدت إلى نمو الإنتاجية.
وعلى أية حال، يجب أن نعترف بأن التطورات الأخرى التي ترتبت على قرارات التخطيط السابقة كان لها الفضل كذلك إلى جانب الإصلاحات في تحقيق هذه النتيجة. لقد استطاع الفلاحون الصينيون زيادة الإنتاج؛ لأنهم استطاعوا استخدام التكنولوجيا المتطورة التي جاءت إلى البلاد، في الوقت نفسه الذي جرى فيه إصلاح المؤسسات الريفية. يتطلب زيادة إنتاج الحبوب إدخال التحسينات على ثلاثة مستويات في ظل الظروف الصينية: تحكم أفضل في المياه، واستخدام بذور عالية الإنتاجية، واستخدام أسمدة. زادت مساحة الأراضي التي تروى في الصين في الفترة بين خمسينيات وسبعينيات القرن العشرين، كما جرى حفر الملايين من الآبار الأنبوبية في شمال الصين لتوفير المياه فيها. أسهمت الزيادة في حصة المياه إلى زيادة إنتاج الحبوب خلال فترة التخطيط، كما كان ذلك شرطا أساسيا لتحقيق الزيادة السريعة في الإنتاج حوالي عام 1980.
تطلبت الزيادات الهائلة في الإنتاج توافر بذور تستجيب لاستخدام الأسمدة. تعتبر المشكلة البيولوجية مشكلة عامة في المناطق الاستوائية؛ فإذا جرى استخدام الأسمدة مع الأصناف التقليدية المختلفة للأرز، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة عدد الأوراق وطول سيقان النبات، فينحني النبات في النهاية، مما يمنع تكون الحبوب؛ لذا يكمن الحل في زراعة الأرز القصير صاحب السيقان الليفية التي لا تنحني، بحيث تنطبق عملية النمو الزائدة نتيجة استخدام الأسمدة على البذور وليس الأوراق. كان الأرز الياباني يمتلك هذه الخاصية التي كانت الأساس البيولوجي لنمو إنتاجية المزارع خلال عصر ميجي، ولكن لم يكن من الممكن زراعة الأرز الياباني في الجنوب؛ نظرا لاختلاف طول اليوم؛ لذا كان من الضروري زراعة الأصناف القصيرة التي تناسب خطوط العرض في المناطق الاستوائية. يعتبر أكثر الأصناف شهرة صنف آي آر-8 الذي جرى تطويره في المعهد الدولي لأبحاث الأرز في الفلبين، وجرى إصداره في عام 1966، وقد كان هذا النوع من الأرز وما تلاه من أصناف أخرى الأساس الذي قامت عليه الثورة الخضراء في كثير من مناطق آسيا. ولكن ما لا يقدره الكثيرون هو أن الصين كانت في المقدمة؛ فقد كان برنامج تطوير السلالات التابع للأكاديمية الصينية للعلوم أنتج صنفا قصيرا من الأرز عالي الإنتاجية قبل عامين من إنتاج أرز آي آر-8، وقد كان انتشار الأرز القصير الجديد سببا في ارتفاع إنتاجية المزارع الصينية ارتفاعا مذهلا.
لا ينتج الأرز عالي الإنتاجية إنتاجا كبيرا إلا إذا جرى تسميده بكثافة. في سبعينيات القرن العشرين، كان المزارعون الصينيون يستخدمون الأسمدة التقليدية إلى الحد الأقصى. وقد تطلب الاستخدام بكثافة أكبر إنتاج مادة النترات صناعيا. لم تحقق جهود زيادة إنتاج الأسمدة نجاحا بارزا خلال ستينيات القرن العشرين؛ لذا بين عامي 1973-1974 اشترت الدولة 13 مصنعا للأمونيا من موردين أجانب. بدأ إنتاج هذه المصانع في أواخر سبعينيات القرن العشرين، ووفرت الأسمدة اللازمة التي أدت إلى ارتفاع إنتاجية المحاصيل ارتفاعا هائلا. لا يسعنا أن نعرف ما إذا كان الارتفاع في إنتاجية المزارع بين عامي 1978 و1984 تطلب إجراء هذه الإصلاحات، أم إنها كانت ستتحقق على أية حال.
Page inconnue